خبز اللعنة وخبز الكرامة …

حين كان الجنوب اللبناني محتلاً لم يكن أي لبناني خارج منطقة الاحتلال يعي حجم المصائب التي تهبط على رؤوس العائلات الجنوبية في كل ليلة .
حتى أن تلك المناطق كانت بالنسبة للكثير من اللبنانيين خارج خارطة الوطن لأنهم لم يفكروا يوما بأن هنالك من سيستعيد مجدها وعزتها …
جاءت المقاومة اللبنانية وبدأت تخترق دفاعات العدو وصميم معاقله حتى باتت بالنسبة ل(اسرائيل ) ذلك الشبح المخيف الذي يهيمن على أمن وسلامة العدو, بعزم وارادة وتحدي وصبر استطاعت المقاومة تحرير الاراضي الجنوبية وتمشيطها وتطهيرها من احتلال صهيوني يرعب العالم باسره, ربما حين نتكلّم عن حزب أو طرف أو لون سيلصقون التهمة بأننا ننحاز لهم, لا يا أبناء الوطن نحن شهداء أحياء لواقع عاصرناه بكل تفاصيله ونمتلك العقل والقوة والارادة كي نخطّ بأيدينا سطوراً نعبّر فيها عن واقع عشنا في صفحاته وعرفنا خطوطه الحمراء والزرقاء معاً …
مضت سنوات على تحرير الجنوب, ولكن بقيت المقاومة محتفظة بسلاحها وقوتها وسلطتها لا لترعب ابناء الوطن بل للمحافظة على أمنه واستقراره . كثر من حاولوا تلفيق التهم والادعاءات الكاذبة لكن سيد المقاومة ذلك القائد الذي سيكتب اسمه التاريخ استطاع بحنكته وذكائه التغلّب على كل الصعاب ومنع أي مآمرة لتحريض فريق على آخر أو طائفة على أخرى فالسلم الأهلي هو جلّ ما يتمناه وهو لا يتمنى أن يكون دولة كما يظن الآخرون بأنه دولة قائمة بحد ذاتها لأنه يحاول اليوم مساعدة ابناء الوطن ايفاءً بوعده لهم لأنه ذات يوم قال لهم : لن أسمح بتجويعكم .
الحرب اليوم هي حرب بيئية بامتياز فهي تحاك ضد بيئة المقاومة, الدولة وضعت الشعب بين خيارين الخبز أو السلاح …يعني بأنها وضعتهم بين الخبز والتبعية, بين الخبز والكرامة, بين الخبز والسيادة, وبين الخبز وثروات الوطن… نأتي اليوم إلى شغل الناس الشاغل ألا وهو بطاقات المعونات, نعم إنها بطاقات توزّع على اللبنانيين بغطاء حزبي منعا للجوع والعوز, هم يحاولون من خلال هذه البطاقات توفير الحد الادنى من الخبز دون الاضطرار للتخلّي عن السيادة والوطن والكرامة…
الدولة هي الطرف الرئيسي في الحرب على المواطن لا بل أنها رأس الحربة, فكل المبادرات التي تحصل اليوم هي مبادرات واضحة ترسم الصورة الحقيقية لدولتنا الكريمة تلك الصورة التي تضعهم بين خيارين لا ثالث لهما اما الخبز أو الاحتلال, ومن باستطاعته حماية لبنان سوى ذلك السلاح الذي يشكّل شبحا مخيفا لجميع الدول .؟
اذا سألنا أنفسنا ماذا يعني أن تجرّد المقاومة من السلاح سنرى الجواب واضحا أمامنا كعين الشمس, نزع السلاح يعني أن تنزع قوة لبنان, فلولا وجوده لما تمت استشارة اللبنانيين في السطو على نفط لبنان ولا حتى كان هنالك وجوداً للتفاوض, فهم من يريدون للبنان أن يعيش فقيرا ينتظر مساعدة من أشقائهم العرب والسعودية على رأسهم مقابل أن يتنازل أبناء الوطن عن كرامته وسيادته وثرواته .
ختاما نحن أبناء هذا الوطن ونحن من باستطاعته تحديد مساره ومصيره, لبنان اليوم ربما يحتضر ولكنه لا ولن يموت لأن ارادة شعبه أقوى من تحريضاتهم ومصالحهم, نحن لن نتخلّى عن كرامتنا ولو حتى حاربونا برغيف الخبز فمن رضع حليب العزّة لا يمكنه أن يكون إلا مواطنا صالحا .

خاص ميدان_برس حسين الحاج