عندما قام الرئيس الراحل ياسر عرفات والرئيس الاسرائيلي إسحاق رابين بالتوقيع على إتفاقية (أوسلو) وبرعاية أميركية وبحضور رئيس أكبر راعي لإسرائيل، كان الاثنان يعيان بأن ما يقدمان عليه ليس سوى خطوة من الاف الاميال في وضع أسس لإرساء سلام بين إسرائيل ومحيطها….
فالمجتمعات العربية ولا نقول الانظمة، كانت ترفض اي تطبيع او اتفاق مبدئي مع دولة لطالما نكست بالمواثيق ولا يؤتمن جانبها، واكبر دليل هو انكارها لإقامة دولة فلسطينية، تكون نواة لدولتين في ارض لطالما أغتصبت وأوخذت دون وجه حق…
الشعارات كانت تستساغ للأذن لكن العقل كان يعلم أنها لا أرضية لها! فكيف لهذه الدولة ان تنقلب على نفسها وشعارها الاول (اسرائيل من الفرات الى النيل)…
وكلنا يعرف كيف انقلب شارون عليها ونكس بالمعاهدة وحاصر المقاطعة، وقوض البنية التحتية للدولة، التي طالما وافق سلفه عليها وشاهد العالم وعلى التلفاز حفلة الفلكور والبهرجة التي رافقتها!!
انها اسرائيل يا سادة….
لا يؤتمن جانبها….
المواجهة الآن ليست وليدة يومها، بل انها تراكمات وممارسات كان العالم وكأن على رأسه الطير، يشاهدها دون مبالاة ولا ذرة ضمير انساني لهؤلاء الذين يحاصرون من الجهات الاربع، وضمن ارض مساحتها لا يتجاوز الكيلومترات المعدودات…!!
فهذا الشعب أيقن انه ان لم يؤخذ حقه بيده فلا احد سيوصله الى حقه….
حماس وفصائل المقاومة…
الصراع الآن في غزة أخذ منحى تجاوز تلك الجولات التي كانت اسرائيل تستطيع التحكم بمصير ومفتاح اغلاقه اي وقت بوضع قواعد لفك الاشتباك.
استطاعت تلك الفصائل فرض معادلة جديدة، وهي غزة مقابل تل أبيب، وهذا ما شاهدناه عندما استطاع قائدها فرضه على سماء عاصمتها، ووضع ثلاث أرباع سكانها في الملاجيء….
إن تدحرج هذه المعركة وارد، وقواعد اللعبة يبدو تغيرت، وأصبح نتنياهو في مأزق كبير..
مصير اللعبة السياسية تتحكم بها الآن صواريخ المقاومة الفلسطينية كذلك حياة نتنياهو السياسية، وهو يراهن على تحقيق نصر، ولو وهمي، كي يقدمه لناخبيه، ويقول لهم ان خيارهم صائب!
لكن حساب الحقل والبيدر سيكون مغاير وسيمنى يخيبة كبيرة…
موقف الشعوب العربية وهذا التضامن الكبير عبر عنه جيل غير المعادلة، ورسخ القومية العربية بأبهى تجلياتها، وهذا ما إستشفيناه من الجموع والحشود التي تقاطرت على حدود فلسطين المحتلة من كل حدب وصوب، لتعلن ان فلسطين ليست لوحدها، وهي باقية في ضمير وقلوب الشعوب العربية، مهما تداعى الكثير للتطبيع، وتبييض صفحة هؤلاء الذين يقتلون الاطفال دون وازع او رادع…
فهذا الجيل حتما هو حامي الاقصى ….
ويقول للعالم أجمع بأن القدس…وفلسطين….
ليست سبية.
خاص ميدان_برس سعد فواز حمادة