هل أحداث القدس اليوم ستغيّر مسار التطبيع العربي .؟

إن ما تشهده القدس اليوم ما هو إلا انبلاج لفجر جديد تسطع فيه المقاومة بنورها لتضيء عتمة الظلم والاستبداد اللذين يمارسهما العدو “الاسرائيلي”على المواطنين الفلسطينيين الأحرار، ‎ فما يحصل في حي الشيخ جراح يعطي نبذة واضحة عن شر “الاسرائيليين ” وعن غطرستهم التي تهدف إلى دفن هوية القدس ووضعها خارج الخارطة العربية ..
‎إننا اليوم نرى بأم العين كيف يحاول العدو الصهيوني القضاء على ما تبقى من معالم تاريخية عربية اسلامية ومسيحية، الحرب التي يمارسها “الاسرائيليون ” اليوم ليست حربا عادية إنما هي حرب تهديم ومصادرة لبيوت المقدسيين والتهديد بانتزاع هوياتهم, لذا فإن ما تشهده اليوم مدينة القدس ما هو إلا محاولة لتغيير معالمها واحتلالها بتوليفة جديدة .
‎أما في ما يخص موضوع السياسات التطبيعية العربية فنحن نعلم بأن العربان ليسوا أصحاب قرار ولديهم قناعة تامّة بأن بقاء عروبتهم مرتبط ببقاء “اسرائيل ” لذا فهم سيدافعون عنها أكثر من دفاعهم عن أنفسهم . جميع الدول التي طبّعت سابقا لم توقف عمليات التطبيع على اثر العدوان “الاسرائيلي ” في فلسطين أو لبنان، كما أنّ الإدارة الجديدة في البيت الأبيض هي مع اتفاقات ابراهام وتدعمها .
‎ما يحدث في غزّة لن يغيّر مواقف الدّول المطبّعة لأنها دول متأسرلة، فالمعركة “الاسرائيلية ” التي باشر نتنياهو بتفعيلها من غزّة انقلبت على رأسه لأن رد المقاومة الفلسطينية جاء كالصاعقة وغيّر وجهة الحرب، ذلك الاخير كان يراهن على أطراف من المقاومة الفلسطينية لتهدئة الأوضاع ولكن ضمن شروط تخدم برنامجه الحكومي، ولكن المقاومة رفضت شروط نتنياهو الذي بادر بدوره إلى عمليات التصعيد للضغط على المقاومة وكأنه يوجّه رسالة غير مباشرة بأنه على استعداد للوصول بعيدا .
‎نتنياهو ذلك الرجل الذي استلم السلطة قبل ربع قرن، ليس إلا رجلا يعشق المناورات، فهل طموحه اليوم هو المسجد الاقصى ؟ إنها لعبة جديدة يمارسها ذلك الأخير لكي يبقى في الحكم لأنه لا ولن يرضى بأي منافس والدليل أنّه بعد سحب الرئيس “الاسرائيلي ” رؤوفين ريفلين في الخامس من أيار 2021 حق تكليف الحكومة وتكليف خصمه يائير لابيدو بتشكيل حكومة بدأت قوّات نتنياهو باقتحام المسجد الاقصى والتحرّش بغزّة وذلك لمنع أيّ تكليف لأنّه يعتبر نفسه الرجل الأعظم الذي لا مثيل له ولا بديل عنه .
‎السؤال الذي يطرح نفسه اليوم : أين المجتمع الدّولي ممّا يحصل مع أبناء القدس وغزّة، وهل من دولة عربية ستخرج من قمقمها وقوقعتها لتقول لا للظلم “الاسرائيلي” بحق العرب المسلمين والمسيحيين، ولا لاقتحام المقدّسات؟ من سيزيح عن وجهها حجاب واقعها السمّيك ؟ فالقدس ما هي إلا اقتباسات من الإنجيل والقرآن ورغم تتابع النكبات فيها نرى أن المقدسيين لن يستسلموا لأنّهم أبناء الارض المقاومة، وهم على يقين بأنّهم كالجبال الراسخة التي لن تزيحها الحروب فظلام اليوم سيجليه ذات يوم صباح الانتصارات .

خاص ميدان_برس ليندا حمورة