وكأنّ قدر لبنان أن يستقبل الأزمات واحدة تلوى الأخرى؛ هي لعنة القدر ولكن شاء لهذا القدر أن يدخل في أعماق الوطن ويهشّم شرايينه لا بل يقطعها ويمنع “الأوكسيجين” من الوصول إلى رئتيه، حتى بات في غرفة الانعاش .
نحن لا نختار أقدرانا هي فقط تلحق بنا، ترافقنا من المهد إلى اللحد، تمسك أيادينا بحبال خفية لتجبرنا على الغوص في المياه العكرة . ربما هي امتحانات وتجارب يختبر الله من خلالها مدى صبرنا وقدرة تحملنا، إلّا أنّ المشكلة أن الصبر ضاق ذرعا منا والحمل بات ثقيلا وربما مرحلة الهزيمة أصبحت وشيكة جدا .
بعد أزمات اقتصادية ومرضية متتالية ها نحن نستقبل أزمة من نوع آخر، إنها موجة الجراد الذي زحف إلى الاراضي اللبنانية وبدأ يعبث بالمناطق تدريجيا. تذكرنا هذه المرحلة بتلك الحقبة التاريخية ابان الحرب العالمية الأولى_ أي عام 1915_ وقد أطلق اللبنانيون عليه اسم (عام الجراد ) بعد أن استحالت مكافحته، فاحتل الجوع كلّ شبرٍ من البلد واستوطن المرض معه فعصي على الشّعب اللّحاق بعدّاد الموت .
ربما وجه الحاضر يختلف بعض الشيء عن الماضي ولكن الادوات نفسها بأساليب مختلفة. فبدلًا من مصادرة العثمانيين آنذاك للمحاصيل والحيوانات، اليوم صودرت أموال اللبنانيين عن طريق السياسيين وحكمهم الفاسد، وبدل محاصرة فرنسا بحريا ها نحن نحاصر من الدول العربية براً، وفي (عام الجراد ) كانت الاوبئة هي الكوليرا والتيفوئيد بينما اليوم كورونا تحتل عرش الوطن وتطيح بقاطنيه.
يبقى مشهد الجراد المهيمن هو الأهم والأعين متجهة نحو السماء فهل سيحجب نور الشمس من جديد ؟!
الهلع اليوم يدفع اللبنانيين إلى التوتر والقلق والخوف الشديد من أن يعيد تاريخنا نفسه ولكن الحقيقة بأن التاريخ لا يعيد نفسه كما يزعمون بل نحن من نكرر حماقاتنا ولم نتعلّم من اخطاءنا وزلاّتنا وهفواتنا، فهذه النار التي يزجّ فيها الحطب ما هي إلا صراعات كونية لا طاقة للبنانيين على احتوائها لأنها ربما تحرق أمّة عربية بأسرها .
ختاماً نحن أبناء الحاضر المرير وخلف كل مرارة عسل منتظروها نحن ننتظر علّ وعسى أن تتبدّل الأحوال ويصبح الصعب سهل المنال .!
خاص ميدان_برس ليندا حمورة