موجة الجراد: هناك داعٍ للهلع

كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:

وكأنّه ينقص اللبنانيين أزمات تضاف إلى تلك التي يمرّون بها منذ أشهر، حتى بات مكتوباً عليهم العيش في حال توترٍ دائم وخوف على المستقبل، يعايشون جهنّم التي وُعدوا بها عن قرب، ويلمسون بأيديهم علامات الدخول في نفقها المظلم حدّ الوصول إلى القعر.

لم تدم التحذيرات من وصول أسراب الجراد إلى لبنان والتي اطلقت خلال الأسبوع الماضي في الدول العربية المجاورة، طويلاً، حتى بدأت طلائعها تظهر ليل الخميس في جرود بلدتي عرسال ورأس بعلبك عند الحدود الشرقية، آتيةً من بلدات قارة والنبك ويبرود في القلمون السوري، في مشهد ينذر بالأسوأ إذا ما توسّعت رقعة إنتشاره وتكاثرت أسرابه، ليقضي على الأخضر واليابس من أشجار مثمرة ومزروعات ينتظرها البقاعيون بفارغ الصبر لتخفّف عنهم الأزمة المعيشية التي يعيشونها وتمدّهم بالسيولة.

دبّ الهلع في قلوب أهالي عرسال ورأس بعلبك بعد مشاهدة المزارعين أسراب الجراد الصحراوي تجتاح مناطق خربة داود، والزمراني في أعالي جرود عرسال عند اطراف سلسلة جبال لبنان الشرقية، وبدأت التكهنات والخوف من وصولها إلى الداخل وسهل البقاع، وأشار عبدو عزالدين إبن بلدة عرسال لـ”نداء الوطن” الى أن الجراد شوهد في الجرود وحتى الآن لم يصل إلى داخل البلدة، ولكن لا نعلم ماذا نفعل إذا وصل”، مضيفاً، أنّ “اشجار الكرز المثمرة التي يعتمد عليها اهالي البلدة في الجرود قد تكون تأذّت، وكأنّ هذه الشجرة أصبحت هدفاً، فقبل سنوات لم يكن يستطيع إبن عرسال التوجه إلى أرضه والإعتناء باشجاره بفعل تواجد المجموعات الإرهابية التي إقتلعت العديد منها للتدفئة، وبعد تحرير الجرود عدنا لنهتمّ بأرضنا وأشجارنا وهي تحتاج سنوات لتعود أفضل ممّا كانت، ليأتينا الجراد اليوم، والعام الماضي وفي التوقيت نفسه وصلت موجةً كبيرة من الصراصير “الخنافس” إلى عرسال واجتاحت البقاع بأكمله ولكنّها غير ضارة”.

إستعدادات وزارة الزراعة بدأت قبل اسبوع مع بدء الحديث عن الجراد في الدول المجاورة، حيث عقد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى إجتماعاً لغرفة العمليات المخصّصة لمكافحة الجراد الصحراوي، وإستكملت امس باستنفار جميع الوحدات في وزارة الزراعة، بالتنسيق والتعاون مع الجيش اللبناني لمكافحة الأسراب التي انتشرت في جرود السلسلة الشرقية. ومنذ ساعات الصباح بدأت طوافات الجيش اللبناني برشّ المبيدات في جرود راس بعلبك وعرسال لمكافحتها والقضاء عليها. كذلك تابع محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر الأمر مع مصلحة الزراعة في البقاع لإتخاذ الإجراءات المناسبة لمكافحة هذا الخطر المستجدّ.

مصدر في وزارة الزارعة أكد لـ”نداء الوطن” أنّ “الأمور مقلقة إذا ما استمرّت على هذا النحو، والوزارة باشرت عملية مكافحة أسراب الجراد منذ ساعات الصباح، سبقتها إجراءات إحترازية منذ شباط الفائت حيث عملت على شراء كميات إضافية من المبيدات الحشرية لمكافحتها، وهي على تنسيق كامل مع الوزارات المعنية ومنظمة “الفاو”، والهدف هو حماية الأمن الغذائي للبنانيين الذي بات مهدّداً في هذه الظروف الصعبة”. وأضاف المصدر “أنّ موجة الحرّ التي شهدها لبنان خلال الأسبوع الفائت، إضافةً إلى تغير إتجاه الرياح ساهم في وصول تلك الأسراب”. وحول احتمال تزايد الأعداد وتوغّلها نحو الداخل باتجاه سهل البقاع لجهة اللبوة والنبي عثمان، أشار الى “أنّ الأمر مرتبط بتطور الكميات والأعداد، والوزارة على استعداد لمواجهة كافة التطورات التي قد تنتج وهي تأخذها على محمل الجدّ”.

وفي فترة ما بعد الظهر، وصلت أسراب الجراد إلى محلة وادي حميد ووراء الجفر في بلدة عرسال وفي سمائها، في مشهد مقلق ويثير الخوف من تدفّق أسراب أخرى وتعجز معها وزارة الزراعة عن المكافحة. كذلك شاهد أهالي الفاكهة كميات من الجراد في سماء البلدة وعلى ارتفاع عال.

وكان وزير الزراعة عباس مرتضى وصل إلى بلدة عرسال في زيارة تفقدية ولمتابعة التطورات عن كثب وعملية المكافحة ورش المبيدات، وطالب بتضافر الجهود الرسمية لرفع الخطر الداهم الذي يهدّد المحاصيل الزراعية والأمن الغذائي، داعياً البلديات إلى رفع جهوزيتها، وأكمل جولته على جرود رأس بعلبك والبلدة لتفقّدها.