قضاء الفساد، وفساد الثورة…!

نعيش اليوم صراعا سياسيا تتفشى عواقبه على الساحة القضائية، ويقابله صراع آخر بين الشكل الاجرائي ومضمون القوانين، فهل المشكلة تكمن في!الإجراء القانوني، أم في غاياته؟! وهل ظرف لبنان يسمح بالتستّر على الفساد لمجرّد التمسك بشكليات قانونية خصوصا ان القضاء مسيّس ؟
‎ها هي اليوم ساحات الوطن فارغة لا وجود على أرضها لاولئك الثوار الذين كانوا ينادون بالحرية والعدالة، ويدعون الجميع للمشاركة والانقلاب ضد الفساد؛ البعض منهم حملوا سلّم الفساد ولكنّهم حملوه بالعرض ليطيحوا بكل من يمرّ بدربهم . علما أنّ هنالك فئات كثيرة نزلت على الارض لأنها شعرت بحجم الجوع والمذلة وارادت التغيير ولكنها سارت في طريق مبهم لا بل طريق ليسوا الثوار هم من اختاروه لأنفسهم بل اختارته لهم منظمات كبرى بما يسمى ألايادي الخفية .
‎فهم تعاطوا مع الفساد حسب الفاسد فإذا الغرف السوداء معه فهو غير فاسد وان كانت ضدّه حتى لو كان نظيفا فهو أيضا فاسد. بعض الثوار حاولوا ايهام الناس أنهم ضد الفساد ولكن في الواقع هم أدوات في أيدي الغرف السوداء .فلماذا اليوم لم يتمّ دعم القاضية غادة عون عن طريق الثوار ؟ علما أن اجراءها ثوري وعليهم دعم هذه الثورية المنبثقة من سلوكها القضائي، وهي تريد تحقيق أحد مطالبهم. للاسف هنا فعلوا بها كالذي دعا ذات يوم الناس للاسلام وحين اسلموا جميعا كفر هو …
‎بغض النظر عن سلوك القاضية وما اعتدنا عليه منها فهي اليوم سلكت طريقا ثوريا ولكنها لم تلق دعما ابدا أكان من الثوار أو من المجلس القضائي. الطريق سدّ في وجهها من جميع المفارق ولم تجد سبيلا للدعم . للاسف القضاء في لبنان مغلول اليد سياسيا ومحاربة الفساد ما هي الا “بروباغندا” تستخدمها الاحزاب السياسية لمصلحتها للتغطية، والاتهام والتفجير السياسيين وليس لمصلحة الشعب اللبناني نهائيا، سيظل الفاسد فاسدًا والمؤسسات فاسدة، وفي النهاية لا مصلحة لاحد لمحاربة الفساد هي فقط شماعة للتناكف السياسي.
‎محاربة الفساد ليست عملية سهلة بل هي انجاز كبير وخصوصا في بلد كلبنان، حيث لا قواعد عامة ومجردة يتم التعامل بها ولا قضاء نزيه لأن السياسة لعبت دورها في تشويه القوانين والانظمة . فكل فساد بغضّ النظر عن مصدره أو موقع صاحبه وممارسته يجب أن يكون أمام القضاء الخالي من التسييس . وختاما إن ما يحصل في لبنان اليوم يشبه سياسة الباب الدوّار يدخلون ويخرجون ويدورون ولكنهم جميعا يبقون في المكان نفسه. إنها دوامة الفساد .

خاص ميدان_برس ليندا حمورة