الدولار الجامعي، ولوعة أهالي الطلاب …

الفقر في الوطن غربة … والغنى في الغربة وطن … هكذا قال الامام علي (ع)، وكأنه كان يعلم بأن هنالك بقعة على هذه الكرة الارضية ستضيق بأهلها وقاطنيها، ستضيّع مسار أبنائها وأحلامهم، وستجعلهم طعماً لذيذاً لذئاب ما يسمّى السياسة اللبنانية …
‏‎عندما يصبح الوطن لعبة بأيدي السياسيين، وحينما يفقد المواطن الأمن والأمان الاقتصادي والمعيشي، وعندما يصبح الحصول على رغيف الخبز ملطخا بالدماء, وتصبح سبل العيش شبه مستحيلة، لا بدّ أن يفكّر المواطن بالهجرة وللاسف أكثر الذين تركوا هذا الوطن هم طلاّب ضاقت بهم جامعات لبنان وذهبوا بعيدا عنه علّهم يجدون من يحترم طموحاتهم وذكائهم وتطلّعاتهم نحو المستقبل …
‏‎لا يكفي أن تسكن في وطن تحمل هويتّه لأن الهوية تلك هي الكرامة والشرف والعزّة، ولكن في وطن يسكنه الفساد والاستبداد والمحسوبية والطائفية والعنترية، هنا فقط تصبح الهوية كالنار التي تحرق صاحبها، ويصبح العيش في ربوع الوطن غربة حقيقية، فمن ذا الذي يستطيع العيش مع كمّ هائل من الحروب والمشاكل وعدم الاستقرار والفقر؟ للاسف حتى لو غادرنا هذا الوطن ستلحق بنا لعنته إلى أقصى بقاع الأرض تماماً كما يحصل اليوم مع الطلاب اللبنانيين الذي يكملون تعليمهم في الخارج فلا يكفيهم حرمانهم من أهلهم وذويهم لا بل اليوم معاناتهم تخطت حدود الخيال والمنطق وباتت تهددهم بالعودة رغماً عنهم لأن أموال أهلهم أضحت في عهدة أصحاب المصارف وتحويل الأموال بات ضرب من ضروب السحر …
‏‎أهالي الطلاب مصابون بالهلع ويتخبطون يمينا ويسارا بحثا عمّن يعطيهم وميضا صغيرا لمعرفة مستقبل أبنائهم، فبعد أن أقرّت الهيئة العامة للمجلس النيابي قانونا معدلا من اللجان النيابية المشتركة ينص على ” إلزام المصارف العامة في لبنان بصرف مبلغ 10 آلاف دولار أميركي, وفق سعر الصرف الرسمي للدولار, عن العام الدراسي 2020 – 2021 للطلاب اللبنانيين الذين يدرسون خارج لبنان قبل عام 2020 – 2021 وعلى المصارف إجراء تحويل مالي لا تتجاوز قيمته 10 آلاف دولار ولمرّة واحدة لكل طالب لبناني مسجلا في الجامعات والمعاهد التقنية العليا خارج الوطن من حساباتهم أو حسابات أولياء أمورهم بالعملة الاجنبية وفق سعر الصرف الرسمي للدولار أي (1515) وذلك بعد التأكّد من إفادة التسجيل والمدفوعات قبل 31/12/2019 وعقد ايجار للسكن الحالي أو ايصال بآخر دفعة شهرية .
‏‎وكما عوّدتنا دولتنا المصون أن قراراتها غير نافذة ها هو اليوم هذا القرار مجرّد حبر على ورق وصرخة الاهالي باتت أكثر ايلاما واشدّ لوعة وخصوصا بعد أن أصدرت جمعية المصارف تعميمها المصون الذي يسمح فقط للاهالي الذين يملكون حسابات مصرفية بالعملة الأجنبية بتحويل الاموال لابنائهم طبعا ضمن شروط تتضمّن تقديم الاهل مستندات بقيمة الاقساط والايجار وغيرها، علماً أن نسبة الاهالي الذين يملكون حسابات مصرفية بالعملة الاجنبية لا تتخطى الخمسة بالمئة .
‏‎كارثة حقيقية يعانون منها طلابنا في الخارج ومصير مستقبلهم يتوقّف عند أعتاب المصارف اللبنانية وقرارات المجلس النيابي والحكومة اللذَين باتوا مجرّد أشباح لا يحلّون ولا يربطون فكيف ستتم مساعدة هؤلاء الطلاب ومن سيأتي بالقرار الصائب لأهلهم ويخلّصهم من ذلك الكابوس اللعين ؟ ختاماً لا يكفي أن تحمل هوية وطنك لتكون مواطنا لأن المواطن الحقيقي هو من يتمتّع بحقوقه الانسانية والمعيشية والسلمية حتى لو لم يحمل هوية الوطن الذي يقيم على أرضه, فآسفاه على وطن بتنا فيه جميعنا أغراب …

خاص ميدان_برس ليندا حمورة