سقوط العام الدراسي أمام الكورونا …

اطلبوا العلم ولو في الصين .! عبارة لطالما سمعناها وردّدناها حين كانت الصّين بعيدة جداً عنا، أمّا اليوم بعد أن أضحى العالم كلّه بين يدينا ها نحن نضيع في زحمة خانقة من العلوم والتكنولوجيا ولكن دون تعليم حقيقي …
‎عام دراسي مضى دون دراسة هادفة ومجدية الكلّ ترفّع إلى صفوف أعلى، الكل حصل على شهادة تخوّله الانتقال إلى المرحلة الثانية ولكن أين كان التعليم آنذاك ؟ كان البلد يسبح في بحر من الهموم ثورات وتسكير للطرقات وحرق للدواليب وتظاهرات وتكسير … هذا كلّه من جهة، وكورونا لحقتنا من جهة ثانية لتزيد الطين بلّة . انتهى العام الماضي وبدأنا بعام جديد ولكّنه ليس أفضل من سابقه لا بل أكثر خطرا وأشدّ ايلاما على جيل كتب عليه التعليم عن بعد وفرضت عليه التكنولوجيا نفسها ليغوص في تفاصيلها علّه يخرج بلؤلؤة تضيء له عتمة المستقبل القريب …
‎تقنية “التعليم عن بعد ” قد تكون فعّالة في دولة تحترم نفسها وشعبها، في دولة فيها القانون يشمل الجميع والامكانيات متوفرة لدى الكلّ، تلك التقنية تفرض على الأهل اعباءً اضافيه على تلك الاقساط المدرسية التي لم يتمّ تعديلها أو حتى تخفيض ولو جزء بسيط منها علما بأن المدارس هذا العام لم تتكبدّ أيّ مصاريف ان كان من ناحية القرطاسية المدفوعة سلفا من الأهل أم من ناحية الكهرباء أو التدفئة … ماذا تتوقعون من تلامذة يتخبطون تارة مع الانترنت وسرعته واتواراً يصعقون بتيار كهربائي لعين يعيد بهم إلى زمن التعليم على ضوء الشموع …
‎هنالك فئات كثيرة من طلاب المدارس في بلدنا لا تتوفرّ لديهم وسائل التعليم عن بعد، وخصوصا بعد أن أصبح الدولار الواحد يساوي ثلاثة عشر ألف ليرة لبنانية أي إذا أراد رب العائلة أن يشتري هاتفاً من أرخص الموديلات سيدفع مبلغاً يفوق راتبه الشهري أضعاف الأضعاف . أسئلة كثيرة تجعلنا غير قادرين على فهم هذا الواقع المرير وتلك الحقبة التي نمرّ بها وهل إذا أتى وزير التربية بقرار مشابه بقرار العام الماضي وترفعّ جميع الطلاب إلى صفوف أعلى سيكون الحلّ الأفضل لطلابنا ؟
‎خمول وكسل ولا مبالاة هذه هي حال أبنائنا اليوم، في وقت يكلّف نفسه المعلّم بالظهور اونلاين في حصة معيّنة يكون الطالب منغمسا بأحلامه غير آبه بما يحصل على تلك الشاشة الناعمة، ومنهم من يسجّل حضوره ويذهب لتناول طعامه أو ربما ليأخذ حمّامه أو ليكمل لعبته على جهاز البلاي ستايشن، يسرحون ويمرحون غير مبالين وكأن العلم الحقيقي غادرنا إلى غير رجعة، نحن نعيش أزمة قضت على أحلام هذا الجيل وعلى مهاراته وعلى طموحاته ، أزمة سلبت منه فرصة التفوّق والوصول إلى المجد وهل تنتظرون مجداً من جيل نسي ذلك المقعد الخشبي الذي تخرّج عنه علماء وأدباء وأطباء … وهل تنتظرون خطوطا عربية أو حتى أجنبية من طلاب نسو حتى كيف يمسكون بالقلم ؟ للاسف مسرح التعليم بات دراما مبكية غاب عنه أصحاب المواهب الجميلة والأصوات العذبة والرقصات التعبيرية…
‎في الأمس أصدر وزير التربية والتعليم قراراً مفاده بأن الامتحانات للشهادات الرسمية ستكون من المدارس وهل كانت تحصل قديما في الملاعب مثلاً ؟ طبعا هو يعني بأن كل مدرسة تمتحن تلامذتها في حرمها نتساءل هل الكورونا ستصيب أبناءنا إذا بدّلوا مدارسهم ؟ وهل بهذا الاقتراح سيبعدهم عن الخطر بالاصابة ؟ حتى القرارات باتت مجرّد أوهام والوزارات بلا رئيس حقيقي ووطن خانته الوطنية وضاع بين الجمهورية والعصفورية …
‎ختاما نحن بأمسّ الحاجة لمن يدعم بلدنا ويزيح عنه شبح الفساد والجوع والفقر،نحن بحاجة للارشاد لأننا ضللنا طريقنا ولم نعد نعلم ان كنّا حقاً سنساهم في بناء جيل لمستقبل أفضل، حين قال الرائع جبران خليل جبران “أولادكم ليسوا لكم” لم يكن يعلم بأننا سنترك أبناءنا يتخبطون في وطن ضاعت منه الرحمة والانسانية،هو قالها يوم كان لبناننا وطن الجمال والحب والخير والسعادة والايمان والمحبة فأين أنت اليوم يا جبران لتقول :
كونوا على حذر لأنّ أبناءكم بخطر ..!

خاص ميدان_برس ليندا حمورة