المواطن في لبنان بين نارين… نار الهجرة ونار البقاء!

لطالما كان لبنان بلد الجمال والحب والعيش الكريم، لبنان الذي تغنّى به الشعراء وغنت له فيروز وصباح ووديع وغيرهم، بات اليوم يحتضر يلفظ أنفاسه الأخيرة، ينتظر من يبلسم جراحه ريثما يعود للحياة من جديد.

في ظل وباء لعين يخطف كل يوم عشرات الأشخاص، تغتالنا أزمة اقتصادية كبيرة تفتك بفقرائنا وتفقر متوسطي الدخل وتبقي الأثرياء على حالهم لا بل تساعدهم أكثر من قبل . هذه الأزمة التي نمر بها تجعلنا نتخبّط يمينا ويسارا كناقة عشواء أضلّت الطريق .

ماذا عساه أن يفعل ذلك المواطن الذي يمضي نهاره كلّه في العمل ويعود إلى عائلته، ولا يوجد في جيبه فلسا واحدا لا بل يكون مديونا للبقّال أو للحّام أو للخباز.

فهل سيمضي حياته في وطن لا يعطيه أدنى حقوق العيش الكريم ؟ هل سيبقى المواطن اللبناني ينتظر فانوسا سحريا يعيد وطنه إلى مجده وعزّه؟
نرى شبح الهجرة، يدخل بيوتنا ويعشعش في عقولنا، يجعلنا حاقدين كارهين تلك الهوية التي نحملها، ولكن الشعور بالحزن يبقى في داخلنا، نعم نحزن لأننا تعلّمنا منذ نعومة أظافرنا أن نقاوم ونقاتل دفاعا عن الوطن، تعلّمنا أن من يترك وطنه كمن يترك أمّه لأن الوطن هو بمثابة الأم، ولكن للاسف جميعنا نشعر بأن تلك الأم تخلّت عنّا وتركتنا نخوض معركة الحياة وحيدين دون أن تمسك ايدينا أو تعطينا فرصة واحدة للبقاء.

من يطفىء النار من قلب ام، ترى ابنها الشاب يحمل حقيبته ويرحل بعيدا، يرحل تاركا أرضه وبيته وأهله بحثا عن فرصة للعمل، من يستطيع الوقوف بوجه شباب المستقبل ليقول لهم لا ترحلوا ابقوا هنا فالوطن لكم؟
لا أحد باستطاعته ان يقف بوجه أبنائنا واقناعهم بأن الوطن سيعود من جديد لأن سائقي الوطن أضلّوا الطريق وضُعنا نحن معهم.

نعم إن المسؤولية الكبرى تكمن في ذلك الطاقم السياسي العفن، الذي ما زلنا تحت رحمته منذ أكثر من ثلاثون عاماً ، طوائف، وأحزاب وتيارات، تلك هي حقيقة وطننا فكيف بوطن ركيزته مزعزعة أن يُبنى من جديد ؟
في الختام، ساستنا وحوش مفترسة، انقضّوا على أموالنا وكرامتنا وعزّتنا حتى أنهم لم يكتفوا بذلك، فها هم يحرموننا من أبنائنا ويدفشونهم من الباب العريض كي يرحلوا بعيدا، تاركين غصّة وحرقة في قلوبنا.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل سيعود وطن النجوم كما كان؟ ام سيبقى مخطوفاً على يدّ الحيتان!

خاص ميدان_برس ليندا حمورة