إستكمال الانقلاب على المبادره الفرنسيه

كتب العميد سامي الرماح في جريدة النهار

بعد زيارتين لافتتين للرئيس الفرنسي الى لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت شاع مصطلح حكومة مهمة من اختصاصيين مستقلين غير فاسدين وتصدر هذا المصطلح كل العناوين.
من هنا نبدأ.
لا ينكرنَّ أحداً ان فرنسا كانت ( ولا أدري اذا ما تزال) هي الدوله العظمى الوحيده التي تتعامل مع لبنان بنوستالجيا غير موجوده لدى بقية الدول الكبرى التي لها علاقات بلبنان، ولكن في الاجتماعات التي عقدها الرئيس الفرنسي في قصر الصنوبر بدا واضحاً وبصوره لا تقبل الشك ان فرنسا تقوم بتعويم الطبقه السياسيه الفاسده والتي قالت عنها فرنسا انها فاسده في اكثر من تصريح لافت، وهذا التعويم ظهر جلياً عندما استقر رأيها على ان الحريري هو الذي يجب ان يقود هذه الحكومه وهذا انقلاب فرنسي واضح على مبادرتها المتعلقه باستقلالية الحكومه فهل الحريري فعلاً مستقل؟؟
اذاً بالعوده الى الانقلاب على المبادره الفرنسيه التي من اساسها ان تكون الحكومه من مستقلين واختصاصيين وغير فاسدين تتولى مهمة الانقاذ فقلنا لن الطعنة الاولى وجهتها فرنسا الى مبادرتها عبر القبول بالحريري رئيساً لها.
أما الطعنه الثانيه او الانقلاب الثاني فجاء من الحريري وبموافقة فرنسيه على ان يتولى شيعي يسميه الرئيس بري وزارة الماليه ، “على اساس ان الموارنه والدروز والسنه والارمن والكاثوليك والعلويين ما بيفهموا بالماليه”!!!!
ويقول الرئيس بري ان اصراره على تولي شيعي يسميه هو لوزارة الماليه هو من باب المشاركه بالسلطه عبر التوقيع على المراسيم الى جانب التوقيع الماروني والسني وبقية الطوايف ستين عمرهم ما يوقعوا!!!!وهنا نفهم ان الرئيس بري والثنائي الشيعي وكأنهم غير مشاركين بالسلطه عندما تم تعطيل مجلس النواب سنتين كي يتم انتخاب العماد عون رئيساً للجمهوريه !! فاذا لم يكن هذا مشاركة في السلطه فكيف تكون المشاركه؟؟؟هذا هو الواضح يا ساده اما القطبه المخفيه في موضوع الماليه فمن يريد وزارة الماليه ليس حباً ورغبةً بالمشاركه بالسلطه بل لمنع التدقيق الجنائي والذي تبين ان لا أحداً يريده حتى المتمسكين به والذين طرحوه لانهم لو كانوا فعلاً يريدونه لكانوا فضحوا كل الذين يمنعونه لان حصوله سوف يُسقط الهيكل على الجميع، لأن السيطره على وزارة الماليه هو لمنع خروج ” قصقوصة” ورق من الماليه تفضح الذين استفادوا من المال العام وسرقوه دون وجه حق.
اذاً فاين الاستقلاليه عندما يصر حزب شيعي على تولي وزاره معينه؟اما الانقلاب الماروني على المبادره فكان من رئيس الجمهوريه الذي أصر ومن خلفه صهره على تسمية الوزراء المسيحيين برمتهم والأرمني ايضاً والدرزي الثاني ايضاً في رغبةٍ جامحه للإستحواذ على الثلث المعطل فأين الاستقلاليه بالله عليكم عندما يقوم رئيس حزب مسيحي بتسمية الوزراء المسيحيين على غرار التسميه الشيعيه؟؟
الانقلاب السني على المبادره جاء كنتيجه طبيعيه حتميه للانقلابين السابقين وعلى قاعدة ( عالسكين يا بطيخ) الشيعه بدهم والموارنه بدهم وانا بدي فكما الشيعه يريدون الماليه والموارنه الدفاع والخارجيه فالسنه من شو بيشكوا؟؟ وانا بدي العدليه والاتصالات والداخليه فالاتصالات هي البقره الحلوب للحريري بعد ان جفت منابع المال في السعوديه وبعد تصفية شركاته هناك فالحريري يريد الداخليه لانها مفتاح الانتخابات ولكن عينه على العدليه لانها مفتاح المحاكمات والمماحكات في حين ان عون وباسيل يريدان العدليه وعينهم على الداخليه ولم لا فطالما الشيعي يريد الماليه وعلى قاعدة ما حدا احسن من حدا ونحنا من شو منشكي؟؟؟
مع ملاحظه هامه ان التيار الوطني الحر لم يقم بتسمية الحريري لرئاسة الحكومه في الاستشارات النيابيه، بس هيك!!
نصل الى الانقلاب الدرزي الذي هو نتيجة طبيعيه للانقلابات السابقه حيث يطالب جنبلاط بالحصه الدرزيه له وهو الذي يسمي الوزير الدرزي وهذا حقه من حيث حجم كتلته النيابيه ولكن اين الاستقلاليه التي تحدثت عنها المبادره الفرنسيه،؟؟ وفور شيوع اخبار قرب التاليف وثبوت ان الوزير الدرزي في تشكيلة الثمانية عشر وزيراً هو من حصة جنبلاط ،جمع ارسلان اعيان ومحازبين من الدروز في دارته واطلق نفير المطالبه بحقوق الدروز المهدوره وضرورة رفع عدد وزراء الحكومه الى ٢٠ بحيث يكون هناك وزير درزي ثانٍ يكون من حصته وحصة رئيس الجمهوريه ويساهم بالثلث المعطل الذي يطالب به الرئيس وصهره مع ملاحظه بسيطه ان ارسلان لم يقم بتسمية الحريري في الاستشارات النيابيه. بس هيك!! فاين الاستقلاليه في تسمية الوزير الدرزي الاول والثاني؟؟؟
أما وقد إكتمل مشهد الانقلاب على المبادره الفرنسيه فهل باستطاعة احد ان يقول لنا اين اصبحت حكومة المهمه من مستقلين اختصاصيين؟؟ لا بل بالعكس فقد برز في خطاب الامين العام لحزب الله البارحه المطالبه بحكومة تكنو سياسيه فيما يشبه رصاصة الرحمه على المبادره الفرنسيه!!
ختاماً:بغض النظر عما سيحصل في اللقاء المرتقب بين عون والحريري الاثنين المقبل وفي ظل الرغبه الجامحه في تناتش الوزارات ورغم التهديدات الفرنسيه والاوروبيه بفرض عقوبات على السياسيين اللبنانيين ،نقول ان البعض لا يفهمون الا بالكرباج ولا يخافون على كرامتهم ولا على البلد بل على جيوبهم المليئه بالمال الحرام، ولا ادري اذا أكون محقاً اذا قلت انه فليبقَ البلد بدون حكومه اذا كانت سوف تشكل على هذه الاسس والتي جربناها سابقا والتي اثبتت فشلها وكارثيتها على البلد . ان الاضرار الحاصله من جراء عدم تشكيل حكومه هي أقل بكثير من الاضرار التي سوف تحصل من جراء تشكيل حكومه يسميها الاحزاب الذين اداروا البلد منذ ثلاثة عقود واوصلونا الى ما نحن عليه.

العميد المتقاعد سامي الرماح