أوضح القاضي الدكتور عباس الحلبي لـ”المركزية” “ان مبادرة البطريرك الراعي تنقسم الى شقين.
منذ أكثر من سنة على انطلاقة انتفاضة 17 تشرين، والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يرفع الصوت عالياً، فيما السلطة السياسية تصم اذانها. ومع انسداد الافق، طرح مشروع الحياد ثم أتبعه بمبادرة لعقد مؤتمر دولي لبحث الازمة ومعالجتها. فهل تلقى مبادرته التي يرفضها فريق الممانعة الآذان الصاغية؟
القاضي الدكتور عباس الحلبي أوضح لـ”المركزية” “ان مبادرة البطريرك الراعي تنقسم الى شقين: شق له علاقة بتأليف الحكومة وحث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، على الالتقاء والاتفاق، وحاول في اكثر من عظة وموقف وبيان، ان يشجعهما على التلاقي توصلاً للاتفاق على حكومة. ويبدو ان مسعاه في جمع الرئيسين لم يوفق، عندها ركّز على موضوعين، الأول الحياد بالنسبة للبنان كي يستعيد استقراره وازدهاره، ويعتبر ان لبنان عندما كان يلتزم الحياد عن صراعات المنطقة، وهذا قول حق، كان شديد الازدهار واصبح مستشفى العرب ومصرفهم وجامعتهم ومصيفهم، وأمن له ازدهارا كبيرا. والنقطة الثانية التي ركز عليها، هي طالما ان الرئيسين يعجزان عن التلاقي لتشكيل حكومة، فماذا بقي أمامه غير الدعوة الى اجتماع للدول المعنية بالوضع اللبناني، وهو ما يسمى بمؤتمر دولي برعاية الامم المتحدة، ويعني بذلك الدول التي لها تأثير في لبنان كالولايات المتحدة الاميركية وفرنسا واوروبا والفاتيكان وايران والسعودية وتركيا، وهذا هو المؤتمر الدولي، لن نجمع 200 دولة للاجتماع بخصوص لبنان”.
أضاف: “لطالما كانت القوى الكبرى والاقليمية تتدخل في لبنان في المحطات الاساسية، صحيح لتأجيج الصراع ولكن احيانا لإنتاج حل كما حصل في الطائف والدوحة. وكما كان يسعى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عندما عقد اجتماعا لتأمين إغاثة للبنان، وهذا نوع من المؤتمر الدولي”.
وتابع الحلبي: “لكن المدخل للحل برأيي يكمن في التركيز على الشق الداخلي بمعنى ان تقتنع القوى السياسية بانتاج حكومة لأننا على وشك ما يسمى الانفجار او الارتطام الكبير، لأننا ننحدر دون حدود ، تفاقمت الازمات المالية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الامنية، واصبح الخوف من ان ينزلق لبنان الى حال من الفوضى. هذا اسرع الحلول، لأن موضوعي الحياد او المؤتمر الدولي، يحتاجان الى وقت، ولبنان ليس لديه ترف الوقت، كما يحتاجان الى توافق داخلي لكي تستطيع الحكومة ان تتوجه الى المجتمع الدولي وان تطالب بالحياد او بحماية لبنان. المدخل كما وصفه البطريرك في البداية هو الحكومة، وكما يصفه الحريصون على لبنان. وطالما لم تُشكل الحكومة، فليس باستطاعتنا تنفيذ الحياد او معالجة المشاكل او جمع دول لمعالجة الوضع اللبناني”.
هل نحن بحاجة الى قمة روحية اسلامية مسيحية، أجاب: “حتى المرجعيات الدينية ليست بمنأى عن التدخلات السياسية ويُخشى الا نتمكن من عقد قمة روحية في هذا الوضع، لأن التأثير السياسي قد يحول او يؤخر انعقادها، ولكن بأي حال يمكن للمرجعيات الروحية ان تتفق على موقف وقد اتفقوا على موقف سابقا وصدر بيان عنهم منذ فترة، طالب بتشكيل الحكومة وتخفيف لغة التصعيد ومعالجة المواضيع المالية والاقتصادية للبنانيين، ورغم ذلك لم يحصل اي تقدم منذ صدور هذا البيان ما يستوجب عقد قمة روحية ثانية، لأن لا احد يتجاوب من السياسيين. المشكلة ليست لدى رؤساء الطوائف بل في السياسة”.