بيت الوسط… “إرفعوا عنّا الظلم”

“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني

ثمة رياح إيجابية تتعلّق بعملية تأليف الحكومة تهبّ بين الحين والآخر في سماء الحديث السياسي الدائر في البلد، لكن لم يحدث مرّة أن رصدت الأجهزة المعنيّة بهذه العملية ،الجهة التي تقف خلف بثّ هذه الأجواء منذ بدء فترة تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، والتي تتم شهرها الخامس بعد أسبوع تقريباً، أو تمكّنت حتى من تحليل نوعية هذه الرياح التي تبدو مُفتعلة، ويتم استخدامها كمطبّات لعرقلة الجهود التي تُبذل لإنضاج عملية التأليف.

خرجت خلال اليومين الماضيين تسريبات سياسية “مفتعلة”، حطّت رحالها على تشكيلة حكومية من 18 وزيراً لا ثلث ضامن فيها أو مُعطّل لأي جهة، واللافت في التسريبات هذه أنها وصلت إلى حد إقناع الرأي العام، أنها جاءت بعد مسعى قام به المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم بين “بعبدا” و”بيت الوسط” بمباركة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وبأن الشكوك المُحيطة بهذه الأجواء “التفاؤلية”، “سوف تقطعها زيارة مُرتقبة للحريري العائد من أبو ظبي إلى بعبدا في الساعات المُقبلة”، وذلك دائماً بحسب ما جاء في التسريبات
في السياق، تؤكد مصادر مُقرّبة من “بيت الوسط”، أنه “حتى الساعة لا جديد في عملية تأليف الحكومة، وأن كل الأجواء الإيجابية التي تُبثّ من هنا وهناك، لا مصدر أساسياً لها، ولا حتى الرئيس الحريري قد وصلته إشاراتها، خصوصاً وأنه لم يلتقِ باللواء ابراهيم منذ أكثر من أسبوعين. وتوضح أن كُل ما يتم تسريبه من أجواء إيجابية من خارج الدوائر والبيانات الرسمية، هو محاولات لذرّ الرماد في العيون وإظهار بعض الجهات على أنها رفعت قسطها للعلى في عملية التأليف، مع العلم أن لا شيء جديداً على الإطلاق في موضوع التأليف والأمور على حالها، لافتة إلى أن الورقة التي قدّمها الحريري للرئيس عون هي آخر المحاولات الجدية، أما ما تبقّى، فيندرج في سياق إيهام الرأي العام أن كرة التعطيل موجودة “في بيت الوسط”.

وتعتبر المصادر، أن عرقلة التأليف ما زالت عند رئيس الجمهورية ورئيس “التيّار الوطني الحر” ومن خلفهما “حزب الله” المٌستفيد الأبرز من كل ما هو حاصل طالما أن المسائل بعيدة عن سلاحه، خصوصاً وأنه شِبه متأكد أن وجود حكومة في هذه الأثناء وسط دعم دولي وتأييد خارجي، لا بد وأن يكون سلاحه موضع نقاش ليس كمطلب خارجي، إنما استجابة مع حركة الشارع ومطالب الحراك الذي يضع هذا السلاح في مصاف الوضع الإقتصادي.

وفي مسألة التدويل تؤكد المصادر، أن ثمّة حركة خارجية ناشطة خلال هذه الفترة تجاه لبنان، وهناك الكثير من الرسائل الخارجية التي تصل تباعاً إلى المسؤولين يتم تحميلهم فيها مسؤولية تدهور الأوضاع، وتدعوهم للإسراع بتأليف الحكومة قبل فوات الأوان، ولكن في مكان ما، ما زالت هذه الحركة خجولة نوعاً ما، قياساً مع الوضع الصعب الذي تمرّ به البلاد.
أما عن التنازلات التي يُمكن للرئيس المكلّف أن يُقدّمها من أجل تسهيل ولادة الحكومة، تُجيب المصادر، أن الحريري مُستعدّ لتقديم كل أنواع التنازلات في سبيل تصحيح علاقات لبنان مع الدول الصديقة والتي تعمل لمصلحته، وليس تلك التي تُريده محوراً تابعاً لها أو قاعدة متقدّمة في الشرق الأوسط لتحقيق مشاريعها وأجنداتها، كما أنه ليس بالضرورة أن يعني التنازل منح “الثلث المعطّل” لأي فريق.

أمّا بالنسبة لما يُحكى عن مبادرة سيقوم بها رئيس مجلس النواب نبيه بري، تُشدّد المصادر، أن هناك تعويلاً كبيراً من “بيت الوسط” على أي دور أو مسعى يُمكن أن يقوم به الرئيس بري، لكن العبرة تبقى في الخواتيم، ولغاية الآن لم يُكشَف عن هذه المبادرة وفحواها وإلى ماذا تستند، والأبرز مدى تقبّل الفريق الآخر لها، خصوصاً وأن هذا الفريق مشهود له بعرقلة الجهود والمساعي وتحديداً ما يصدر من “عين التينة”