تقرير: رامح حمية
البقاعيون يعانون من عبء مازوت التدفئة وفارق الأسعار (رامح حمية)
أقفلت اليوم بعض محطات المحروقات في قرى وبلدات بعلبك الهرمل، ورفعت خراطيم التعبئة كإشارة منها لعدم توفر مادتي البنزين والمازوت فيها.
في مدينة الشمس توفرت المحروقات وبدا ذلك واضحاً من طوابير السيارات في باحاتها والطرقات المؤدية إليها. بعض المحطات في المنطقة اختارت بيع كميات محدودة من البنزين والمازوت فيما محطات أخرى لجأت إلى رفع سعر صفيحة المازوت إلى حدود 30 ألف ليرة، وصفيحة البنزين إلى 40 ألف ليرة.
لا حسيب ولا رقيب، كما لا وجود لما يسمى مصلحة حماية المستهلك ووزارة الاقتصاد في بعلبك الهرمل، بذريعة عدم توفر العناصر للقيام بدورهم الرقابي. أصحاب تلك المحطات يستخدمون إقفال الطرقات وعدم تسليمهم الكميات الكافية من البنزين والمازوت كشماعة لتغطية زيادتهم الأسعار على المادتين ومخالفتهم جدول أسعار المحروقات الذي حدد اليوم سعر صفيحة البنزين 34800 ليرة، والمازوت 24400 ليرة.
ليس هذا وحسب، متعهدو المحروقات في البقاع يشكون استمرار التهريب بشكل واسع شمال لبنان، و«لعبة الشركات المستوردة للنفط ودعمها للتجار المهربين في شمال لبنان ببيعهم كميات غير محدودة وقد ما بدهم بأسعار وصلت إلى 30 ألف ليرة لتنكة المازوت و40 ألف ليرة للبنزين، ومن الشركات مباشرة».
وأوضح أحد متعهدي المحروقات في البقاع لـ«الأخبار» أن الكميات الكبرى تسلم مباشرة من الشركات المستوردة للتجار وبأسعار مرتفعة «وبلا وجعة راس مع وزارة الاقتصاد بالبيع للمحطات وبأسعار محددة وفق جدول الأسعار الأسبوعي، في الوقت الذي يبيعونه بأسعار فيها ربح أكثر ولا مين حسّ ولا مين شاف» كما يقول.
لا تقف الأمور عند هذا الحد، فالكميات التي تسلم للمحطات والمناطق محدودة جداً وأقل من معدلات استلام تلك المحطات الأسبوعية، ويكشف صاحب عدد من محطات المحروقات في بعلبك الهرمل أن حصته التي تفوق 50 ألف لتر لا يسلم منها إلا 11 ألف ليتر «والصهريج عم يطلع بالكمية القليلة وعم ندفع كما لو أن الحمولة كاملة»، موضحاً أن «مافيا المحروقات والتهريب لا رادع لها خلال هذه الفترة من الشح بالمحروقات فهم يشترون من الشركات المستوردة كما أسعار السوق السوداء لأنهم يربحون أضعافاً مضاعفة بتهريبها وبيعها للتجار السوريين على المقلب الآخر من الحدود».
ثمة تلاعب من نوع آخر في تسليم الكميات للمتعهدين من الشركات المستوردة
من جهة ثانية ثمة تلاعب من نوع آخر في تسليم الكميات للمتعهدين من الشركات المستوردة في ظل غياب التسلم من المصافي، فقد كشف أحد كبار المتعهدين لـ«الأخبار» أن «محطات بعلبك مثلاً لا أزمة فيها يومي الأربعاء والخميس وتبدأ الأزمة يوم الجمعة فيما السبت والأحد عطلة ولا تسلم الشركات محروقات، والأمر نفسه يومي الاثنين والثلاثاء بحجة غياب البنزين والمازوت ولكن في الحقيقة لا يسلمون الكميات المحدودة إلا الأربعاء بانتظار صدور جدول الأسعار الذي يسجل منذ فترة ارتفاعاً كبيراً كل أسبوع، وبالتالي يبيعون بالسعر الجديد وبأرباح كبيرة على حساب الناس ومعاناتهم اليومية مع مادتي المازوت للتدفئة والبنزين لتنقلاتهم».
أمام كل هذا يبقى المواطن المتضرر الأكبر والوحيد الذي يدفع ثمن جشع مافيا المحروقات وعدم تحرك الدولة للجم كل ذلك، في مقابل أبناء قرى وبلدات لا يملكون خيارات كبيرة للتدفئة غير المازوت، بعدما بات الحطب حكراً على الأغنياء، إذ وصل سعر طن حطب السنديان إلى 750 ألفاً بعدما كان سعره لا يتخطى 200 ألف ليرة في السنوات الماضية.
أما أنواع الحطب الأخرى (اللو والكينا والسرو والسنديان) فأسعاره أيضاً تعتبر مرتفعة مقارنة مع الأعوام الماضية ولا تشكل مصدر وفر لدى أبناء بعلبك الهرمل فحتى «الطبليات الخشبية (كسر خشب يستعمل للبناء وجدران الدعم والقواعد الخشبية للسيراميك) فاق سعرها 450 ألفاً لحمولة «البيك ـ اب» الواحد. كما أن البدائل الثانية للمازوت غير متوفرة كجفت الزيتون، لذلك لا يجد أبناء المنطقة ومن بينهم النازحون السوريون بديلاً من بضع ليترات بغالون صغير ــ إذا توفرت كل يوم، قد تكون كافية لدرء برودة قرى وبلدات يزيد ارتفاعها على 1200 متر عن سطح البحر، وإلا لا بديل من أغطية تقي تلك العائلات برودة الطقس.
المصدر : الاخبار رامح حمية