تجاوز سعر صرف الدولار عتبة العشرة آلاف ليرة، ارتفاع يبدو جنونياً إذا ما قيس برواتب معظم اللبنانيين وتحديداً من يتقاضون الحد الأدنى للأجور،
هذا في وقتٍ يظهر فيه أن دور مصرف لبنان في لجم هذا الارتفاع غائب تماماً، خلافاً لسياساته التي اعتمدها لعقود في تثبيت سعر الصرف، فيما الحلول يجب أن تأتي عبره، ذلك أن ما تمر به البلاد من أزمة مالية واقتصادية يتحمّل مصرف لبنان المركزي مسؤولية أساسية عنها، بسبب السياسات النقدية التي اعتُمدت في السابق، وفق الباحث الاقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي، الذي يرى أن السياسات النقدية التي اعتمدها مصرف لبنان منذ عام ونصف حتى اليوم لعلاج أزمة الدولار كانت السبب الرئيسي لانهيار القوة الشرائية لليرة اللبنانية، بعد أن ذهب إلى طباعة آلاف مليارات الليرات وضخها في السوق، فبلغ حجم الكتلة النقدية بالليرة حوالى 27 ألف مليار، فيما انخفض حجم الكتلة النقدية بالدولار بسبب عدم منح المصارف المودعين أموالهم وتحويلها الدولار إلى الليرة وفق سعر المنصة، ما خلق فائضاً في العملة اللبنانية في السوق في ظل شحّ الرساميل القادمة من الخارج والمساعدات الدولية.
أزمة انهيار الليرة تحتاج بالتأكيد إلى معالجات جدية، تبدأ بحسب الدكتور جباعي بتغيير نمط السياسة النقدية وإعادة الثقة بالقطاع المصرفي، والتي لا يمكن استرجاعها دون إعادة أموال المودعين أو جزء منها بالدولار، ما سيخلق كتلة نقدية جديدة في السوق بالدولار، وسط العمل لوضع سياسات تهدف إلى امتصاص فائض الليرة اللبنانية من السوق، ما سيعيد التوازن بين حجم الكتلتين النقديتين، على أن التوافق السياسي ضروري لاستعادة مزيدٍ من الثقة، عبر تشكيل حكومة جديدة.
إذاً المدخل الرئيسي لحل أزمة ارتفاع سعر صرف الليرة مقابل الدولار يكون اقتصادياً بتغيير نمط السياسة النقدية والتخطيط لاقتصادٍ إنتاجي، وسياسياً بتشكيل حكومة قادرة على تحقيق المعالجات.