كتب النائب ابرهيم كنعان في “النهار”:
إرتكابٌ، هدرٌ، فسادٌ، أموالٌ منهوبة، انهيار الليرة، إهمالٌ وظيفي، مخالفات، وصايات، رشاوى، تلزيمات وهمية، دويلات، صناديق، هيئات، حسابات مغيّبة، انتخابات معلبة، أحزاب للإيجار، إقطاع… هذه، وغيرها، توصيفات “طبلت” آذاننا ولا تزال، والنتيجة واحدة: “إسهال” من المواقف والتصريحات البطولية وتحليلات وبرامج وتقارير إعلاميّة وخبراء وقطع طرق وشتائم واستغلال، ولكن لا شيء سوى مسؤولٍ واحد هو الحياد والتدويل!
إنّه دواء حالتنا السياسيّة الراهنة، لا بل مخدّرها: الإنكار!
إنكار الإصلاح لوقف الإنهيار المالي والاقتصادي وتداعياته.
إنكار الحكومة لوقف الإنهيار السياسي وتفكك المؤسسات.
إنكار تحرير القضاء وفقدان المرجعية والحق والعدالة.
إنكار الوباء والإنهيار الاجتماعي والصحي والاستشفائي.
إنكار الحلول والخطط الواقعية لوقف الإنهيار المصرفي وحجز الودائع.
إنكار “الثورة” للأفق السياسي والعملاني لأيّ تغيير، ما أدّى ويؤدي الى تدمير ما تبقى من مقومات المجتمع والدولة.
إنكار السلطة لخياراتها الخاطئة ونتائجها الكارثية على المالية العامة والودائع نتيجة وقف الدفع غير المنظم لسندات اليوروبوند، والتوظيف العشوائي الزبائني، والاستمرار في سياسة الدعم من دون ترشيد.
إنكار المعارضة للحلول وجنوحها للمزايدة والشعبوية، فتنتهي شريكة بكل ما يحصل.
إنكار لسيادة الدولة والقانون والجيش على الأرض والمؤسسات ما يؤدي الى فقدان القرار واستباحة الخارج للحقوق اللبنانية.
ماذا بعد؟ الإنفجار، ليضيع الحقّ وتذوب الهويّة ويزول الوطن وتنتهي القضيّة!
ونسأل: لماذا الحياد وعذاب البطريرك والمؤتمر الدولي أو الحكومة أو التحقيق بتفجير بيروت أو التدقيق الجنائي أو الثقة الدولية والإنقاذ المالي والنقدي وودائع الناس أو المحاسبة أو الحوار الداخلي…؟
هل هذا هو الحلّ الداخلي المنتظر؟ وهل هكذا نحمي لبنان من تدخلات خارجيّة أو مشاريع دوليّة مزعومة تستهدفنا؟
كيف للبنانيّين أن يثقوا بعد اليوم بحلٍّ داخليّ، وكيف لأحدٍ أن يشكّك بنيّات من يطالب بحلّ دولي أو بالحياد في ظلّ هذه المشهدية القاتمة وحالة اليأس التي وصلنا اليها، وبغياب أيّة مبادرة جديّة للخروج من هذا الوضع؟
وهل يشكّل تخوين من يطالب بحلٍّ خارجيّ بعد تعثّر الداخلي خروجاً من الأزمة أم إنكاراً لها ومواصلة الهبوط الى قعرها؟
بتنا، جميعاً، بحاجةٍ الى ثورةٍ من نوعٍ آخر. الى ثورةٍ على الذات يقودها رئيس البلاد، الذي به نثق بالرغم من الحملات كلّها، تجعلنا نخرج من حالة الإنكار القاتل فنضع المواقف السابقة جانباً لنجترح الحلول الاستثنائيّة، بدءاً من أزمة تشكيل الحكومة الى أزمة الودائع والماليّة العامة الى المسائل البنويّة والاستراتجيّة كافةً، لنستعيد ثقتنا بأنفسنا وثقة العالم بنا ونعود الى أصولنا وأساس نشأتنا ووطننا…
الى حياد بشارة الخوري ورياض الصلح و… صبري حماده الذي هو في صلب مبادرة البطريرك الماروني.
فلنوقف الإنكار فالإنهيار، قبل الإنفجار!