البطريرك يراهن على أمرين لطرح معادلة سياسية جديدة

لم يعد لدى بكركي أي مجال للتراجع. لقد قال البطريرك ما قاله. الزخم السياسي والشعبي الذي اندفع بحماسة خلف مواقف الراعي، من شأنه إضفاء المزيد من التقدم في الخطوات التي تم الإعلان عنها، سعياً إلى عقد مؤتمر دولي لحلّ الأزمة اللبنانية.
رفع الراعي السقف الذي كان يتوقعه الآخرون، لا سيما من بادر إلى توجيه نصائح له بالتهدئة وتخفيف لهجته. طلب البطريرك الماروني من جهات متعددة العمل على إعداد أوراق سياسية وأوراق عمل، ليتم دمجها فيما بعد بوثيقة سياسية واضحة المعالم والمعاني، ويتم تسليمها إلى الأمم المتحدة والدول الكبرى والفاعلة، وإلى الفاتيكان أيضاً. خصوصاً أن الراعي يراهن إلى حدّ بعيد على دور الفاتيكان في توفير الحماية للبنان، ويستند على كاثوليكية الرئيس الأميركي جو بايدن، التي قد تدفعه إلى التواصل أكثر مع البابا، وهو أمر قابل للاستثمار في لبنان.

 

لا 1559 ولا فصل سابع

ما يقصده الراعي واضح، هو لا يريد صدور قرار دولي عن الأمم المتحدة بشأن الأزمة اللبنانية، ولا يريد تكرار تجربة الـ1559، لأن كل هذه القرارات الدولية لم يتم تطبيقها. وهو حتماً لا يفكر بفصل سابع، ولا بمجيء الجيوش الأجنبية إلى لبنان. إنما المقصود بالمؤتمر الدولي هو عقد لقاء موسع للقوى اللبنانية، بحضور الدول الفاعلة والمؤثرة والمتدخلة والمتداخلة بالملف اللبنانية، كالولايات المتحدة الأميركية، فرنسا والاتحاد الأوروبي، الدول الخليجية والعربية، وإيران. يكون عنوان اللقاء البحث في أزمة لبنان، وفي كيفية تحييده عن الصراعات، وعدم تركه ساحة يتم استخدامها في الصراعات الدولية والإقليمية. ويمكن لأي طرح أن ينطلق من مقررات الحوار الوطني الذي عقد في العام 2006 وحصل حوله إجماع، في مسألة الحدود، السلاح، وغيرها من الملفات الأساسية، وتطبيق القرارات الدولية التي أقرت سابقاً. وهذا بحد ذاته مؤشر إلى تصاعد وتيرة خطاب البطريرك، وإعادة طرح معادلة سياسية جديدة.

السلاح والرئاسة

التقط حزب الله موقفين في كلام الراعي، وهو حماية النظام والدستور أو الطائف. وهو سيحاول البناء على هذين الموقفين لتعزيز العلاقة مع الراعي، بتركيز الحوار على حماية الدستور من دون إثارة ملف السلاح. وهذا قابل لأن يتحقق من خلال مؤتمر حوار وطني شامل. هذا جزء من الرسالة التي حملها اللواء عباس إبراهيم إلى بكركي قبل يومين، سعياً إلى نقاط مشتركة بين الطرفين. والجزء الآخر من الرسالة التي حملها إبراهيم إلى البطريرك هي بالتمني عليه عدم السماح لأي طرف من زوار بكركي بإطلاق مواقف تهاجم رئيس الجمهورية وتدعوه للإستقالة. رسالة تؤكد أن وجهة النظر السياسية اللبنانية لا تزال قاصرة جداً عن مواكبة تطورات الأزمة وأبعادها الخطيرة.