كتب ميشال نصر في موقع ليبانون ديبايت
في غمرة الانهماك بفضائح التلقيح السياسي و”الجرصة” التي بلغت أصداؤها العالم البنك الدولي، وما ان أُعلن عن تحرك شعبي باتجاه بكركي لدعم مواقف سيدها، حتى ازدحمت طريق الصرح بمواكب السياسيين والحزبيين، في محاولة “لركب” موجة الحراك كلّ وفقاً لمصالحه، من المؤيد “على العمياني” الى الرافض “عالآخر” مستفيداً من لغة عربية فضفاضة. وحتى أرقام هاتف الصرح لم تهدأ.
بالتأكيد لن يكون التحرك الشعبي اليوم، امتحاناً تكرّم على أساسه بكركي أو تهان، لأسباب عديدة يتقدمها كورونا، والأهمّ، لأن النجاح الفعلي كان في تأييد الأطراف السياسية لها باستثناء “حزب الله” ومن يدور في فلكه، والذي وجد نفسه مضطراً إلى إيفاد “سندباد الجمهورية” على بساطه بسرعة الريح الى بكركي، لاستطلاع رأيها والوقوف على سقف تصعيدها، فيما بقي موقف التيار الوطني في إطار ال”مايع” بين تأييد غير مفهوم لمواقف البطريرك، ورسالة موجّهة لعاصمة الكثلكة”، وبمسار معاكس لمسار الراعي.”
وتكشف المعلومات أن الزيارة التي في ظاهرها كان البحث في الملف الحكومي، ارتبطت أساساً، توقيتاً ومضموناً، بالتحرك الذي سيشهده الصر ح اليوم، حيث وُضعت في سياق “المهمة الاستطلاعية” لتقدير السقف الذي ستبلغه المواقف، خصوصاً بعد دخول الأحزاب على الخط، ناقلاً رسالة ودّ من “حزب الله” وعدم رغبة حارة حريك بالدخول بمواجهة مع البطريرك، فالسيد قال كلمته في الموضوع ومشى، متابعة أن “اللواء” نصح “غبطته” بتوضيح موقفه و”مبادرته”، خصوصاً في ظل الاصطفاف القائم حولها.
من جهتها أكدت مصادر بكركي أن لا حاجة لوساطات أو نقل رسائل، فباب البطريرك الراعي مفتوح للجميع للنقاش والتشاور، بما فيهم “حزب الله”، مؤكدة أن مواقف “سيدنا” تنطلق من المصلحة الوطنية العليا وهو لا يدخل في الزواريب الضيقة، وبالتالي تدخله جاء وكذلك رفع الصوت، بعدما فقد الأمل من أي امكانية محليّة صرف، على فضً كباش الشروط والشروط المضادة المرفوعة بين المعنيين بعملية التشكيل، المباشرين وغير المباشرين، ما يعرّض وجود الدولة ومؤسساتها وكيانها للخطر، و”حزب الله” من الفاعلين على هذا الصعيد. وختمت، أن الأجواء في بكركي هادئة، بحيث أن البطريرك الراعي لا يسعى الى أي تصعيد، ولا يريد لمواقفه أن تستثمر على قاعدة اصطفافات او إنقسام سياسي جديد.
فهل فعلت زيارة سندباد على بساط ريحه فعلها؟
وتابعت المصادر أن النقاش والتشاور لا يعنيان أبدًا التراجع عن المبادئ او التنازل عن المصلحة الوطنية المشتركة، بل على العكس، وبالتالي لا التهديد ولا الترهيب او الترغيب سينفع، فمن أُعطي له مجد لبنان، حسم خيار خوض حرب الحفاظ على دور “لبنان الرسالة” وحياده، وفقاً لروحية مقررات إعلان بعبدا حول النأي بالنفس، الذي حاز دعم وتأييد كل دول العالم، قبل أن يعود البعض ويتراجعوا عما تعهدوا به.
وشرحت المصادر بأن الدعوة للمؤتمر الدولي، ليست سوى لتوحيد جهود الدول وتنظيم الضغوط الممارسة في إطار موحّد، للوصول الى تسوية تؤكد على نهائية الكيان والدستور ووحدة الارض والشعب، وذلك ضمن إطار سياسي يقوم على الاستفادة من الاخطاء وإصلاح دستور الطائف لتلافي الأزمات مستقبلاً، داعيةً الى التمييز جيدا بين المؤتمر الدولي والتدخل الدولي والفصل السابع،فما تطلبه بكركي، هو رعاية الامم المتحدة لاتفاق اللبنانيين وتقديم الضمانات، خصوصاً أن لا قيامة إلّا بمساعدة دولية، وضمانة الامم المتحدة وحدها، والتي تحمي لبنان من تسويات المنطقة وتلزيمه من جديد لطرف من الاطراف.
وتسترسل المصادر شارحةً الاسباب الموجبة، والتي لا يريد البعض الاعتراف بها وهي واضحة ومعروفة، أولها، الخوف على الصيغة اللبنانية الحالية، التي جعلت منه رسالة، ثانيها، عدم حصول “حزب الله” على أي إجابات شافية حول أسئلة لطالما طرحتها على الحزب وثالثها ،صمود حارة حريك وقدرتها على الاستمرار، بل تحسين وضعيته المالية في الوقت الذي انهار فيه النظام المصرفي اللبناني، أما رابعها، فعلاقات “حزب الله” الدولية والخارجية والكثير مما يقوم به ويحظّره على الدولة والآخرين، ما وضع لبنان في عين العواصف الإقليمية والدولية.
وحول الإنتقادات الموجهة الى بكركي في ظل انتشار كورونا، ردّت المصادر بأن بكركي كانت عازمة على الإعتذار عن السير بالتجمع، إلّا ان المنظمين أصرّوا حتى ولو أُقفلت بوجههم الابواب.
قياساً على ما تقدم، ومن دون الغوص في باقي الملاحظات التي يصعب تعدادها، عن أي تدويل يتحدث أمين عام حزب المقاومة، الذي مسموح برأيه إن كان هو من يقوده، ومرفوض إن تجرأ آخرون على التفكير والحديث عنه؟ فماذا عن مؤتمر الدوحة وتداعياته على سبيل المثال؟
كلام النهار يمحوه كلام الليل، أم تصحّ المقولة الشعبية تاريخياً مرة جديدة :” بكركي من عركة لعركة، لا نورها ولا زيتها شح، كلن عم يحكوا تركي، إلاّ الصرح بيحكي صح”.
بالنسبة للشاطر حسن “بكركي لا بتهدّد ولا بتخاف”، ومن أُعطي له مجد لبنان واجبه أن لا يتخاذل… كما كان أسلافه…. فالبطريرك عريضة، بطرك المقاومة في زمن المجاعة والطغيان، والبطريرك حويك، بطرك لبنان الكبير في وجه الانتداب ، أما البطريرك صفير، بطرك الاستقلال الثاني في وجه الاحتلال…. فهل يكون البطريرك الراعي، بطرك جمهورية الحياد في وجه أصحاب المحاور؟