وجه نقيب المحامين ملحم خلف رسالة الى أهل طرابلس، جاء فيها:
في مذبحة الوطن،
حيث الضمائرُ كوابيسُ عاصفة،
أتطلّع إليها… الى طرابلس الأبيّة…
طرابلس التي تعيش في داخلي،
طرابلس التي حضنتي وخصّتني بأجمل لقاءات حياتي؛
وكمْ كنت أُسأَل: “ماذا تفعل في طرابلس؟”
وجوابي دوماً: أنا بحاجة الى طرابلس، وطرابلس بحاجة إلينا!
نعم، أنا بحاجة الى طرابلس، لأنّ طرابلس تعلمّني المعنى الحقيقي للمواطنة.
في أزقّتها، في شوارعها، في أحيائها، في باب التبانة وفي جبل مُحسن،
شعبٌ طيّبٌ لبنانيٌّ أصيلٌ نقيٌّ بعيدٌ عن كلّ طائفية أو مذهبية أو عنصرية.
هكذا هي مدينة العيش الواحد وهكذا عرفتها.
نعم، طرابلس بحاجة إلينا جميعاً، لأنّ هناك من أخطأ كثيراً بحقّها، أخطأ حتى الحقد وحتى الأذى.
لقد أعطيناها الإضطراب والفوضى، وذاقت البؤس والجوع والبطالة، فأعطتنا السلام؛
لقد منحناها الرعب والوحشيّة والبشاعة، فمنَحَتنا الجمال والأناقة والروعة؛
لقد أطعمناها النار، وظلّلناها بالخوف والنفايات، ورَويناها حقداً ودماً، فأَطْعَمَتنا وظلّلتنا ورَوتنا طيباً ومياهاً؛
لقد نفخنا فيها ريحَ التفرقةِ والكراهية وألبسناها ثوب الإرهاب، فنفخت فينا روح الوطنية والمجد والكرامة.
كمْ نحن بحاجة، اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى، أنْ نرى وجه طرابلس الحقيقي، وجه المحبّة والتسامح والاحترام، وجه الخير والجمال، وجه الحريّة والكرم والفرح.
أهلي في طرابلس،
أشتاقُ إليكم في كلّ لحظة،
أُفكّرُ بمعاناتكم في كلّ لحظة،
أشعر بوجعكم في كلّ لحظة،
أحزنُ لحُزنكم في كلّ لحظة،
أتفهم غضبكم في كلّ لحظة،
فهي معاناة ووجع وحُزن وغضب كلّ مواطن في كلّ المدن والقرى اللبنانيّة.
أهلي في طرابلس،
أعرفكم بكِبَركم وكبريائكم وعَظمة قِيَمكم،
لذلك،
أملي بكم هو ببقائكم على مواقفكم،
الطوافة كرامةً واعتزازاً،
المنتفضة رفضاً للواقع المرير وتأميناً للقمة العيش،
البعيدة عن العنف الذي لن يؤدّي سوى إلى مزيدٍ من الخراب؛
والعُنْف، بما ينطوي عليه من ظلمٍ يلحق بالناس وضررٍ يلحق بالمؤسسات الرسمية والخاصة، لا يُمكِن التكهُّن بمآلاته، كما من بعض إستخداماتِه الخبيثة، ما قد يُضيِّع بوصلة السَّعي لتصويب المسار الإنهياريّ، ويُعيدُنا إلى تجاربَ مريرةٍ من الماضي دفعنا أثمانها غالياً ولم نزل.
أهلي في طرابلس،
يتوجَّب علينا معاً حماية السِّلْم الأهلي مع استمرار النِّضال السِّلمي ومع ابقاء الصوّت عالياً حتَّى إحقاق العدالة الإجتماعيّة وتعقّب الفاسدين المفسدين وحماية الحقوق والحريّات العامة.
ثقوا بأنّ إحقاق الحقوق-حقوق كلّ مواطن-بات قريباً وقريباً جدّاً! وبالصبر والثبات ننتصر، وسننتصر!