جاء في “المركزيّة”:
تتحدث تقارير ومصادر دبلوماسية عن شبه ستاتيكو في المنطقة لن يشهد اي متغيرات لافتة او مفاجئة. ليس بفعل ما تشهده المرحلة الانتقالية التي تعيشها الولايات المتحدة الاميركية منذ الانتخابات الرئاسية. بل بفعل ما بات امرا واقعا نتيجة مجموعة من التطورات الاستراتيجية وابرزها ما يتصل باتفاقيات التطبيع بين اسرائيل ومجموعة من الدول العربية والخليجية تحديدا، عدا عن التفاهمات غير المعلنة بين واشنطن وموسكو وتلك التي تتحكم بالتحركات الاقليمية الايرانية والتركية في المنطقة. وهو ما فرض آليات جديدة غيرت في شكل العلاقات بين واشنطن ومجموعة دول المنطقة ولا يمكن للرئيس الاميركي الجديد ان يتجاهلها او يتجاوزها بسهولة.
تضيف التقارير التي اطلعت “المركزية” على اجزاء منها، ان الكثير من السيناريوهات المتداولة ستنتهي قريبا وسيثبت ان ما بني على احلام سيبقى حلما وخصوصا تلك التي تراهن على انقلابات اميركية مغايرة لتلك التي اعتمدها الرئيس دونالد ترامب الذي يستعد للخروج من البيت الابيض وتلك التي رسم عناوينها الرئيس جو بايدن الذي يستعد لدخوله. ولا سيما انه سيدخل متسلحا بإدارة شبه مكتملة بطاقمها الاداري والدبلوماسي والمالي وما يتصل بالامن القومي والاستخبارات والذي ستنعكس جهوزيته على مستوى تنفيذ سياساته المقررة بالسرعة المتوقعة في الداخل الاميركي والمنطقة والعالم.
ومن هذه الخلفيات بالذات، توقفت هذه التقارير عند بعض العناوين الكبرى التي ستتحكم بمستقبل مواقف الولايات المتحدة وعلاقاتها بدول المنطقة الحليفة منها او تلك التي تقودها أحلاف أخرى مناهضة لها. ففي الظاهر يبدو ان هناك صراعا قويا تقوده الولايات المتحدة الاميركية من جهة وروسيا من جهة اخرى على ساحات المنطقة ولاسيما السورية منها التي تختصر في جوانب منها الأزمتين العراقية واللبنانية وهو امر غير دقيق. فإن ظهرت بعض الخلافات في المحطات المرحلية والمؤقتة فان ما يظللها من التفاهمات على عناوين اخرى على المستوى الاستراتيجي لم يتجاوزها اي من الطرفين رغم المفاجآت التي تسببت بها سياسات الرئيس ترامب من وقت لآخر.
وعليه يمكن التوقف عند بعض الملاحظات التي لا يمكن تجاوزها، ومنها التي تدحض نظريات البعض الخاطئة في الرهان على متغيرات دراماتيكية يمكن ان تقود اليها الادارة الاميركية الجديدة كمثل الحديث عن تفاهمات محتملة في الملف النووي الإيراني وما تعتمده من سياسات متشددة في قطع التواصل بين طهران بيروت عبر بغداد ودمشق الى ما هنالك من السيناريوهات لملف الصواريخ البالستية والتي يراهن كثر على وجود مخارج لها تفرض وجهة النظر الإيرانية في المنطقة ولبنان.
وقالت هذه التقارير ان من يراهن على تساهل واشنطن في هذا الشان مخطئ. فكل القوانين التي قادت الى العقوبات في كل الاتجاهات وعلى حلفاء ايران بدأت مع سلف سلفه الرئيس باراك اوباما حيث كان بايدن واحدا من فريقه عدا عن التفاهمات بين الديمقراطيين والجمهوريين على جميع قوانين العقوبات الاخرى دون اي استثناء.
والى هذه الجوانب ثمة من يعتقد انه ورغم الخلافات المحكي عنها بين موسكو وواشنطن رغم العقوبات الاميركية عليها فان امن اسرائيل ما زال يجمعهما في منطقة االشرق الاوسط وهو ما يبرر صمت الاميركي والروسي معا على الغارات الاسرائيلية في سوريا وربما في لبنان في اي وقت محتمل ان ارتكب احدهم اي خطا. ولذلك تحتسب كل التطورات المشابهة برعاية اميركية وروسية تطال ايضا برامج التطبيع بن اسرائيل والعرب وان استدرج الاسد الى واحدة شبيهة بهذه الاتفاقيات ضمانا لبقائه في السلطة سيكون بما يشبه رصاصة الرحمة على كل الرهانات هذه ان لم يتحول بعض اصحابها الى شركاء في اي تسوية على قاعدة ان ما يحق لقوى الممانعة ممنوع على القوى الاخرى.
على هذه العناوين تلتقي المعطيات التي تشير اليها التقارير الدبلوماسية والاستخبارية ولا تتحدث عن اي متغيرات كبرى. ولذلك ومن دون الدخول في الكثير منن التفاصيل فان ربط اي ملف لبناني او سوري بهذه الرهانات لن يجدي نفعا. فكل التقارير تشير الى ان الوضع في سوريا سيشهد استمرارا للعمليات العسكرية الاسرائيلية والاطراف الاخرى تركية كانت ام ايرانية في عهد بايدن كما في عهد ترامب وان اي تغيير على الساحة اللبنانية غير متوقع في القريب العاجل وسيبقى الشعب اللبناني ضحية الرهانات الخاطئة ان بنيت على تغيير محتمل لموازين القوى في لبنان.
وتختم هذه التقارير لتشير الى ان لدى فريق بايدن في الخارجية الاميركية والاستخبارات والامن القومي قراءة خاصة للوضع في لبنان ولن يضحوا به باي ثمن اللهم ان عرف اللبنانيون كيف يصنعون التسويات الداخلية التي تضمن بقاء الحد الادنى من مقومات الدولة قبل انهيارها الكامل. وهو امر ينطلق من وجود حكومة حيادية ومتماسكة تدير الملفات الشائكة وتعيد بناء علاقات لبنان بالخارج حفاظا على ما تبقى من القدرات المهددة بالاجتياح الاسرائيلي لدول الخليج العربي واستدراجا لاعادة وصل ما انقطع في علاقاته مع الدول المانحة والخليجية منها قبل غيرها قبل ان تزداد وتتفاقم نقمة شعوب هذه الدول على لبنان وقيادييه.