كتبت “المركزية”:
ليس الفرنسيون والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وحيدين في جهودهم لانقاذ لبنان من واحدة من أخطر الأزمات التي عرفها في تاريخه الحديث. ذلك أن البابا فرنسيس دخل شخصيا على الخط لحض المسؤولين السياسيين، على تحمل مسؤولياتهم في هذا المجال، من دون أن يغيب عن باله إرسال إشارة ايجابية إلى اللبنانيين تفيد بأنه على استعداد لزيارة لبنان في أقرب فرصة ممكنة.
ولا يشك أحد في أن رسالة البابا التي تلاها البطريرك الماروني على مسامع اللبنانيين صبيحة عيد الميلاد، تؤشر إلى استمرار الاهتمام البابوي بلبنان “الوطن الرسالة”، فيما العالم يمر بأسوأ الأزمنة الحديثة، وفيما يرتفع منسوب الكلام عن أن الاهتمام الدولي بلبنان يسجل تراجعا لافتا بسبب بعض أفرقاء الداخل وخياراتهم وممارساتهم.
إلا أن مصادر سياسية عليمة أكدت لـ “المركزية” أن رسالة البابا هذه تتجاوز البعد الوجداني من حيث التضامن مع الشعب اللبناني مع العلم أنها الرسالة الثانية من نوعها التي يوجهها الحبر الأعظم إلى أحد شعوب العالم، بعد خطوة مماثلة في اتجاه دولة جنوب السودان، ذات الغالبية المسيحية.
غير أن المصادر نبهت إلى أن رسالة البابا هذه مهمة من حيث توقيتها، على اعتبار أنها تأتي بعد قرابة شهر على الزيارة الأخيرة للبطريرك الراعي إلى الفاتيكان. وذكرت أن سيد بكركي كان اغتنم فرصة هذا اللقاء لطرح ملف حياد لبنان على الطاولة ونيل جرعة دعم بابوية في هذا المجال، مع العلم أن معارضي هذا الاقتراح سارعوا إلى رفع المتاريس السياسية في وجهه لاعتبارات عديدة.
إنطلاقا من هذه الصورة، كشفت المصادر أن توقيت رسالة البابا فرنسيس المتزامنة مع المواقف الاستثنائية الحادة التي يتخذها البطريرك الماروني، مهاجما بحدة العهد وحزب الله، يعد دليلا واضحا الى أن كلام البابا لن يبقى يتيما، مرجحة أن تكون خريطة طريق إنقاذية للبنان قيد الدرس بين أروقة عواصم القرار في العالم مثل واشنطن وموسكو، إضافة إلى الكرسي الرسولي، وباريس المتمسكة بمبادرة رئيسها ايمانويل ماكرون المتعلقة بالملف اللبناني، وإن كان الأفرقاء اللبنانيون يمعنون في رميها بالسهام الهادفة إلى إفشالها.
تبعا لذلك، اعتبرت المصادر أن التصعيد السياسي العنيف الذي طبع نبرة عظات البطريرك الراعي منذ إفشال محاولته تسريع تأليف الحكومة لا ينم فقط عن غضب إزاء إعادة الأمور إلى نقطة الصفر بشكل مباغت، بل يحمل بين طياته بذور الاعداد لتحرك سياسي واسع النطاق على المستوى الدولي، لتحفيز المسار السياسي في لبنان، في انتظار زيارة البابا فرنسيس إلى بيروت، مع العلم أنه يحط الرحال في العراق في آذار المقبل، في رسالة قوية إلى ضرورة بقاء المسيحيين في أرض الشرق.