“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني
لطالما كانت الأجهزة الأمنية في كل دول العام، عُرضة للإنتقاد وموضع شبهات سواء خلال القيام بدورها على الأرض، أو من خلال التحقيقات التي تُجريها مع الموقوفين، وغالباً ما تذهب الإنتقادات هذه إلى حدود الإتهام بالتقصير تماماً كما حصل في لبنان عقب إنفجار المرفأ الذي ما زالت تداعياته مُستمرة حتّى اليوم، سواء على الصعيد الإنساني أو الأمني، وأيضاً القضائي.
في لبنان ثمّة أمور كثيرة أرخت بسلبيّاتها على الوضع العام وليس فقط على عمل الأجهزة الأمنية لعلّ أبرزها: بعد العامل الاسرائيلي والتهديدات التي تتأتى من هذا العدو بين الحين والأخر، وأيضاً ما نتج عن الحرب السورية المدمّرة والتي أدت إلى إنتقال عدد كبير من النازحين الى لبنان إما بطريقة شرعية أو غير شرعية، خصوصاً بعدما استغل البعض من سوريا ولبنان مساحة الحدود المشتركة بين البلدين للقيام بعمليات التهريب، بالإضافة إلى الجماعات المُسلّحة التي استغلت الظرف نفسه أيضاً مما مكنهم من دخول لبنان من خلال عمليات التسلل وما قامت به لاحقاً من عمليات اعتداء وقتل وتهجير بحق العسكريين والمدنيين.
بالإضافة إلى كل هذه العوامل التي وضعت الأجهزة الأمنية في لبنان على “مشرحة” الإنتقاد السياسي وغير السياسي، يُضاف عامل أخر متمثل بـ”الخلافات” القائمة بين الأجهزة أنفسها والذي يطفو الحديث عنه بين الحين والأخر، على واجهة الأحداث بغض النظر حول حقيقة هذه الخلافات من عدمها، وما إذا كانت فعلاً موجودة ام أنها مجرد تكهنّات يتناولها البعض من باب إلقاء اللوم على طبيعة عملها واتهامها بالتقصير عند حدوث أي عمل تكون له تداعيات على أمن واستقرار الوطن والمواطن.
في هذا السياق، يوضح العميد منير عقيقي رئيس تحرير مجلة الامن العام بداية، أنه “إذا أردنا النظر إلى عمل الأجهزة الامنية في لبنان، علينا أولاً أن نطلع على صلاحيات كل جهاز بحسب ما يسمح به القانون. ولا يوجد أدنى شك أن القاسم المُشترك بين جميع الأجهزة هو “الهاجس الأمني” لسبب وحيد أن لبنان يقع ضمن نقطة تقاطع بين جميع التوترات التي تحصل في المنطقة”.
وفي ما خص المديريّة العامة للأمن العام، يُشير عقيقي إلى أن “المديرية أنيطت بها بحسب القانون، مجموعة صلاحيات يُشكل فيها المدير العام للأمن العام الركن الاساسي في السهر على تطبيق القوانين والتعليمات المرعية الاجراء أبرزها: المساهمة في التحقيقات العدلية ضمن حدود المخالفات المرتكبة ضد أمن الدولة الداخلي والخارجي والإشراف على إعداد وتنفيذ التدابير الأمنية، إضافة إلى مكافحة كل ما يمسّ الأمن بمراقبة وملاحقة أعمال التخريب ودعاة الفوضى ومروجي الإشاعات المضرة بالأمن وفي أكثر من مناسبة، يكلف المدير العام بمهمات رسمية في الخارج كموفد رئاسي لمعالجة ملفات معينة.
أمّا، ما يُحكى عن وجود صراع بين الأجهزة الأمنية، ينفي عقيقي هذا الأمر جملة وتفصيلاً مع وضعه في خانة “التنظير” لا أكثر ولا أقل. وعلى الرغم من نفيه، يؤكد وجود تنافس بين الأجهزة كونه أمر مشروع ضمن عمل الأجهزة، من دون أن ننسى أن وظيفة كل جهاز تختلف كلياً عن الأخر لكن يبقى الأمن هو القاسم المشترك. من هنا وكإعلامي بالدرجة الأولى، عندما نتحدث عن صراع، علينا بالدرجة الأولى أن نزوّد الرأي العام بالمعلومات المتوفرة اذا كانت موجودة وإلا فإن الكلام حول هذا الشق يخضع لمنطق التنظير والتحليل وليس أكثر”.
وشدد على أن “هناك تنسيقاً دائماً بين الأجهزة الأمنية وتبادل معلومات، والجميع على اطلاع على جلسات المجلس الأعلى للدفاع والأمن المركزي والأمور واضحة حول مدى التنسيق القائم بين جميع الأجهزة المعنية بأمن واستقرار البلد”.
وحول الإنتقادات التي يتعرض لها جهاز الأمن العام، يرى عقيقي “أننا نعيش في بلد ديمقراطي مسموح فيه الانتقاد مثلما ان حريّة التعبير مصانة. وبالنسبة الينا كجهاز أمني اساسي فإن أبوابنا مفتوحة على الدوام للتواصل مع أي جهة وتحديداً الاعلام من أجل توضيح أي صورة مُبهمة أو معلومة مغلوطة. أمّا طريقة تعاطي الأمن العام وكيفية مقاربته لبعض القضايا، فالانجازات هي التي تتحدث عن نفسها والتي تُثبت فعالية الجهاز من دون أن ننسى الجهود التي يقوم بها المدير العام في العديد من الملفات”.
من الإتهامات أو الإنتقادات التي طالت الأمن العام، إنفجار المرفأ بعد أن حمّل البعض هذا الجهاز مسؤولية عدم تفادي الكارثة التي حلّت بلبنان في الرابع من آب الماضي. في هذا السياق، يوضح عقيقي أن “تفاصيل هذا الموضوع يتم التحقيق فيه من قبل المحقق العدلي الذي له وحده تحديد المسؤوليات، ولذلك نأسف عندما تخرج بعض الأقلام عن الحقيقة وتذهب إلى تشويه التحقيق والتشويش عليه. ولذلك فإن كل شخص يرمي المسؤولية على غيره، عليه أن يتحمل هو المسؤولية”.
ويُضيف: “لكن بشكل عام ما نستطيع قوله أن صلاحية المديرية العامة للأمن العام في المرفأ بحسب القانون، هي الجهة المسؤولة عن حركة الدخول والخروج من وإلى المرفأ وعن مراقبة العاملين في السفن ومنحهم تأشيرات دخول الى لبنان. أما في حال ضبط أي أمر مشبوه يقوم الأمن بالتبليغ حسب الأصول. وهذا ما حدث بالفعل في موضوع “النيترات” حيث قام الأمن بما يتوجب عليه، وتمت المراسلة كما سبق وذُكر في الإعلام. أما بقية التفاصيل، فلن نخوض بها في الوقت الحالي لأنه كما أسلفنا، هناك قضاء يقوم بكل هذه التحقيقات وهو فقط من يُحدد المسؤوليات”.