الاعلام الورقي.. هل أصبح من الماضي..

استذكر عندما كنا نعمل على انتاج مجلة (الحوادث) في لندن قبل الفورة التكنولوجيا.
حيث كنا نمضي اسبوع كامل من العمل الشاق لانتاج عدد يأخذ اليوم اقل من بضع ساعات ولا يتعدى التكلفة سعر الحبر الذي كان يدون بها..
ان الاعلام الورقي لا شك له رونقه ومريديه، لكن الآن اصبح الاعلام الالكتروني هو الثمة الطاغية، ودونه ذلك العناء الممتع الذي أخذ منا الكثير من الجهد والمعاناة….
كنا ننام على خبر ونصحى على آخر، ففي تنفيذ الصفحة لا نألوا جهدا كي يخرج العدد بأبهى صوره، كمن يجهز عروس لزفتها في حفلة العمر، وكنا في نفير وعلى تمام الاستعداد لأي طارق..
ففي احد الليالي العصيبة كنا نسهر على اقفال العدد، وكنا ننتظر ختامها بكلمة المحرر، وهي كما درجت العادة، يقوم المغفور له نقيب الصحافة السابق ملحم كرم بإرسالها الى المحرر، وكان النقيب يضع آخر لمساتها، وبأسلوبه المنمق والمخضرم، ومداده الجذاب، يعطي الاذن في انطلاق الطبع.
هنا استأخرنا لحدث جلل، وكانت الكويت قاب قوسين من التحرر، فتغير عنوان العدد! ( واستمهلنا بالبقاء) حتى يأتي صياغة العدد من جديد لمواكبة المرحلة…
اسرد هذه الواقعة كي استدل على المعاناة في تلك الفترة.
فجلسنا طوال الليل وحتى ساعة متأخرة في تنفيذ ذلك العدد، وخرج بعنوان (الكويت تتحرر)..
بالمناسبة كانت المجلة اول من اعلن عن بدء الحملة البرية، وبسبب هذا السبق الاعلامي، نالت ونلنا تنويه وتقدير امير الكويت الشيخ جابر رحمه الله…
ان الاعلام هو مهنة المتاعب والتعب، ومع ذلك فهي متعه وحبور في نفس الوقت، خصوصا عندما يتلاقى التعب مع النجاح والتفوق…
اليوم لا نقلل من الاعلام الورقي، لكن لا شك ان التزاحم وسرعة توصيل الخبر، اصبح بمكان لا يستطيع الورقي مجاراته!
فأكثر وسائل الاعلام اليوم وخصوصا المرئي والمسموع يعتمد على اخبار وسائل التواصل الاجتماعي ومجريات الاحداث تقتصها منه…
اخيرا ..سقى الله ايام كنا ننتظر افتتاحية …النهار…والسفير…والحياة…وغيرهم….

الصحافي سعد فواز حمادة   ميدان برس