إدارة المناقصات لوزارة الطاقة: دفتركم غير صالح… مردود مع مغالطاته!

يبدو أنّ العلاقة بين وزارة الطاقة وإدارة المناقصات، لن تجد لها “حيط عمار” يساعد الفريقين على التفاهم على دفتر شروط لمناقصة عمومية لشراء كمية من الغاز اويل والفيول اويل لزوم مؤسسة كهرباء لبنان، مع انتهاء عقديّ “سوناطرك” و”كي بي سي” نهاية العام الجاري، أي بعد أقل من أسبوعين… ما يعني أنّ الشركة المفترض أنّها جزائرية والتي تبيّن لاحقاً أنّها مسجّلة في الجزر العذراء، ستغادر لبنان من دون أن تتمكن السلطات المحلية من اجراء مناقصة لتوقيع عقد مع شركة مورّدة بديلة، ما يثبت الاتهام بأنّ هناك من يعتمد المماطلة والتسويف للجوء إلى آليات موقتة، يُخشى أن تصير دائمة!
في الواقع، فإنّ رواية دفتر شروط هذه المناقصة، لم تكتب منذ أسابيع فقط، وإنما تعود إلى الثاني من تشرين الثاني 2017 تحديداً مع صدور قرار مجلس الوزراء القاضي بإجراء مناقصة لشراء كمية محددة من الفيول هي عبارة عن الفارق بين الحدّ الأدنى الذي ينصّ عليه العقد مع “سوناطراك” وبين حاجات مؤسسة كهرباء لبنان.
وبالفعل، يذكر النائب سيزار أبي خليل في مؤتمر صحافي عقده في أيار الفائت، أنّ الوزارة “توجهت لإجراء المناقصة في العام 2018 إلى إدارة المناقصات التي لم تجرها ايضاً وبدأت بعدها فترة تصريف الأعمال التي دامت 9 أشهر. ثم أتت الوزيرة ندى البستاني بعدي وحاولت أيضاً إجراء المناقصة في إدارة المناقصات وكانت تواجه بالحجج نفسها: عدم الورود على الجدول السنوي، أو عدم التوازن المالي… وللمفارقة إنه متوفر للعقود”.
بدورها، أعادت المديرية العامة للنفط في بيان سطرته منذ أيام، التأكيد أنّها أودعت الادارة المعنية لدى ادارة المناقصات، مشاريع دفاتر الشروط بصيغتها الكاملة للاطلاع عليها وابداء ملاحظاتها الادارية، بتاريخ 10/10/2018، أي بعد حوالى سنة على صدور قرار مجلس الوزراء.
وبعد الاطلاع على المراسلات الحاصلة بين وزارة الطاقة وإدارة المناقصات، يتبيّن أن الثانية أعادت الدفتر المرسل إليها بعد إبداء الملاحظات في 29 كانون الثاني 2019، لتغيب الإدارة المعنية عن السمع، إلى حين أودعت الوزارة من جديد نسخة معدّلة عن الدفتر، هي مجرد نسخة مطابقة أضيفت إليها بعض مساحيق التجميل… لتغيب من بعدها عن السمع.
الوزير الحالي في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر وجّه كتابه الأول إلى إدارة المناقصات في 9 تشرين الأول الفائت وقد أخذ، للمرة الأولى، بملاحظات الخبير الأوروبي التي سبق لإدارة المناقصات أن سجلتها على الدفتر، ولكن على مستوى المواصفات الفنية وشروط المنافسة، لم تسقط الشوائب التي عابت النُسخ السابقة من الدفتر. عادت وأرسلت في 27 تشرين الأول دفتراً معدّلاً لإبداء الرأي والإفادة.
المحطة المفصلية عبّر عنها الكتاب الذي ورد من الوزارة موقّعاً من المديرية العامة للنفط ويتضمّن شروطاً تعجيزية لا تنسجم مع القواعد التنافسية، ومنها على سبيل المثال أن تكون الشركة عالمية بمعنى “أن لديها أسواقاً ليس فقط في دولة أو دولتين أو مجموعة من الدول، بل في معظم الدول في العالم”.
كما أرفقت الكتاب برأي صادر عن هيئة التشريع في وزارة العدل يجيز للوزارة أن تجري المناقصة بكافة مراحلها، فضلاً عن تحذير إدارة المناقصات من قيام ثورة بركانية جراء تأخير إعلان نتائج المناقصة. يومها كان ردّ إدارة المناقصات أنّها لا تجري مناقصة غير مطابقة لأحكام قانون المحاسبة العمومية “واذا كان من استورد رأياً من هيئة التشريع مقتنعاً بمضمونه، فما عليه إلّا اجراء المناقصة في الوزارة على مسؤوليته ومسؤولية الجهة التي أفتت بذلك، وانقاذ البلاد من الثورة المنتظرة”.
أما المحطة الأخيرة، فكانت قبل يوم واحد من موعد الجلسة التي دعت إليها لجنة الأشغال العامة، يوم الخميس الماضي، والتي قررت وضع يدها على الملف بعد السجال العلني الذي وقع بين الوزارة وإدارة المناقصات. اذ وجّهت الوزارة كتاباً جديداً يتضمن نفس تعابير التهويل والتحذير، ولكنه أرفق هذه المرة بدفتر شروط موقّع من الوزير غجر بدا وكأنّه صيغ على عجل ويطلب فيه اطلاق المناقصة لدفتر الشروط المرفق.

كيف ردّت إدارة المناقصات؟

وفق مصادرها فإن ردّها تضمّن الآتي:
إنّ الإتهام مردود للوزارة وفريقها الاستشاري وقد ثبت أنّ نهجها ألحق الضرر بالمصانع وهي بالتالي مطالبة بالتعويض عن اتلافها.
– إنّ طلبكم مردود لكم بما تملكون من سلطة خارقة تجلبون من خلالها المستشارين والاستشارات بناء للطلب وعند الحاجة وحيث تقتضي وبما يقتضي، وبالتالي بإمكانكم اجراء المناقصة في الوزارة طالما أنّكم تملكون الصلاحيات للقيام بذلك، فلماذا تتلكأون وممَّ تخشون؟ وهل تريدون أن تحجزوا سلفاً جهة تتهمونها بعرقلة مشاريعكم وتلقون عليها عبء فشلكم؟
– أعادت إدارة المناقصات الملف كاملاً للوزارة “لأنه لا يصلح لإطلاق مناقصة تؤمن المنافسة العادلة وحقوق الدولة المالية”.
– ناشدت الإدارة مجلس النواب؛ في ظل وجود حكومة تصريف اعمال لا تجتمع؛ وضع يده على القضية من خلال لجنة الأشغال العامة أو أي لجنة أخرى تنشأ لهذه الغاية؛ بعدما وصلت الأمور مع وزارة الطاقة إلى حائط مسدود، نتيجة الإصرار على القفز فوق القانون وصرف النفوذ في استيراد الاستشارات لتجاوزه؛ والتعاطي مع إدارة المناقصات بلغة التهويل والتهديد وتعمّد تضييع الوقت.
في النتيجة، ردّت إدارة المناقصات النسخة الأخيرة من دفتر الشروط من دون التدقيق فيه نظراً لكمّ المغالطات التي حملها. وتجتمع لجنة الاشغال يوم غدٍ الخميس لمساءلة الطرفين المعنيين بالملف، أي وزارة الطاقة وإدارة المناقصات، بعدما انقطع سبيل المراسلات بينهما، على نحو يثبت التهمة الموجّهة إلى وزارة الطاقة بأنّها تقصّدت تعطيل قرار مجلس الوزراء لغاية في نفس “ريمون” وحلفائه.

كلير شكر- نداء الوطن