“ليبانون ديبايت”
يستغل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كل مناسبة ممكنة لرمي كرة التفاهم بين حزبه وبين حزب الكتائب اللبنانية في ملعب رئيس الكتائب النائب المستقيل سامي الجميل محملاً الأخير مسؤولية عدم التوصل الى مثل هذا التفاهم.
وفي حين يصرّ جعجع على ردّ الأسباب الى اعتبارات شخصية تتعلق بالجميل، فإن قيادة الكتائب تعتبر أن المشكلة العالقة بين الحزبين هي مشكلة سياسية لا علاقة لها بالأمور الشخصية لا من قريب ولا من بعيد.
وتشدد مصادر قيادية في حزب الكتائب على أن, تقزيم التباينات السياسية وتسخيفها لا يفيد في تحقيق التقارب، لأن إنجاز مثل هذا التقارب في حاجة الى معالجة الأسباب الحقيقية التي تحول دون حصوله، وهي أسباب سياسية ووطنية بامتياز لها علاقة بالخيارات السياسية الاستراتيجية وليس بالمزاج الشخصي.
وتبدي المصادر الكتائبية اعتقادها, بأن الإصرار على عدم الاعتراف بالخلافات السياسية الأساسية في خيارات القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية، يعكس رغبة ضمنية لدى جعجع بإبقاء الأمور على ما هي عليه، خلافاّ لما يحاول الإيحاء به بمناسبة وبغير مناسبة.
فالكتائب لا تعتبر نفسها في حالة مواجهة مبدئية مع القوات اللبنانية تحديداً، ولكنها غفي موقع خلافي عميق مع التسوية الرئاسية التي حصلت في العام 2016، ومع جميع أركانها بدون استثناء بالنظر لما لهذه التسوية من آثار تدميرية على الكيان اللبناني. وقد أظهرت تطورات السنوات الأربع الماضية صحة المقاربة الكتائبية لهذه التسوية، علماً أن موقف الكتائب من أركان التسوية جميعهم هو واحد.
بمعنى أن حزب الكتائب يحمل مسؤولية ما وصلت اليه الأمور الى كل الذين شاركوا في هذه التسوية كتيار المستقبل والقوات اللبنانية وغيرهما، وهو منسجم مع نفسه في خياراته منذ اللحظة الأولى لهذه التسوية التي رفض المشاركة فيها بانتخاب الرئيس ميشال عون ولا بالمشاركة في حكوماتها ولا بالموافقة على قانون الانتخاب الذي أقرته. فهل كان المطلوب من الكتائب أن تناقض نفسها وتعيش انفصاما سياسيا برفض التسوية من جهة والتفاهم والتحالف مع القائمين بها من جهة مقابلة؟
وهل المطلوب من الكتائب أن تنقلب على خياراتها وقواعدها وسياساتها من أجل التفاهم مع القوات أو غيرها، في حين ان المطلوب من أركان التسوية اعادة قراءة خياراتهم السياسية وتصحيحها بعدما ثبت فشلها، وبانت نتائجها الكوارثية على السياسة والاقتصاد وكل النواحي الاجتماعية كمقدمة لأية تحالفات وتفاهمات سياسية جديدة.
وتختم المصادر الكتائبية: الكتائب تعمل لإنقاذ لبنان واللبنانيين من ورطة التسوية وتداعياتها، وهي مستعدة للتفاهم مع كل اللبنانيين على هذه القاعدة السياسية الثابتة التي من دونها لا خلاص للبنان. فترميم التسوية انتحار جماعي، وبالتالي فإن اقتراب الكتائب من أي فريق سياسي او حزبي يكون على قاعدة مدى ابتعاد هذا الفريق عن هذه التسوية ومفاعيلها ونتائجها، ومدى رغبته في الطلاق الكامل وفض اي شراكة من أي نوع كان مع المنظومة التي تسببت بما وصل اليه لبنان خصوصا خلال السنوات الأربع الماضية.
فمتى تحققت هذه الأمور تصبح الكتائب في موقع اللقاء السياسي والطبيعي مع أي لبناني, ومن دونها فالكتائب غير مقتنعة بأية شراكة شكلية أو آنية ومصلحية وسلطوية لا تكون مبنية على خيارات واضحة تقتنع بها وتمارسها في الحياة السياسية والوطنية منذ سنوات طويلة!.
المصدر : lebanon debate