عندما تتفوّق المصارف على شركات التأمين

قاسم حدرج (مستشار في القانون الدولي)

من المُتعارف عليه ان شركات التأمين تضمن البوليصة الصادرة عنها مجموعة من البنود التي تمكنها من التهرب من التغطية وصرف مستحقات المتعاقد معها، وبالتالي فأن القاعدة الذهبية الأولى التي تُمليها هذه الشركات على موظفيها هو تدريبهم على فن التهرب من دفع قيمة بوالص التأمين والبحث عن ثغرة للتملص أو المماطلة وهو ما نشهده اليوم بموضوع التعويض على ضحايا تفجير المرفأ ولكن تبين في الآونة الأخيرة ان المصارف قد تفوقت على هذه الشركات في ابتداع الحيل للتملص من دفع حقوق اصحاب الحسابات تحت ذرائع شتّى ولأن مستقبل أولادنا في الخارج هو من الأمور الأكثر الحاحًا فقد صدر قانون الدولار الطالبي وتم نشره اصولا في الجريدة الرسمية وفقا للأصول وبالتالي اصبح نافذا وواجب التطبيق ولأن هذا القانون يختص بفئة واحدة هي الطلاب الذين يدرسون في الخارج وهو بمثابة بوليصة تأمين لمستقبلهم.

وقد أتخذ طابع العجلة، وبالتالي فأن تطبيقه يقتضي ان يكون أسوة بالأحكام الصادرة عن لقضاء المستعجل الذي يذيل بعبارة معجل التنفيذ نافذ على اصله وبالتالي فأن المصارف ليست بحاجة الى مراسيم تطبيقية لتنفيذ هذا القانون خاصة أنه يتعلق بحقوق ثابتة للمستفيدين منه وليس منحة من المصرف وهو في الأصل لا يحتاج الى قانون للحصول عليها،ولكن وبما ان المصارف التي حجزت اموال اللبنانيين دون وجه حق ما زالت تمارس سياسة التهرب والمماطلة فقد تذرعت لعدم تنفيذ القانون بعدم اصدار الحكومة للمراسيم التطبيقية الخاصة به علما إن القانون ينص على أن الحكومة بإمكانها إصدار مراسيم تطبيقية “عند الاقتضاء” ومثال على ذلك بأنه عندما صدر قانون حق الوصول الى المعلومات فأن مجموعة من الوزارات والادارات قد تعاونت مع جهات دولية وسلمتها الكثير من المستندات في حين ان البعض الأخر الذي من مصلحته العرقلة قد تذرع بعدم اصدار مراسيم تطبيقية للقانون.

ولكن وبالرّغم، من هذه الذريعة غير القانونية فقد سعت الحكومة الى سد هذه الثغرة وأرسلت بتاريخ 25-11-2020 كتابا معنون بعبارة عاجل جدا وفوري موجه الى وزارة المالية وذلك بتوجيهات من دولة رئيس الوزراء تطالبها من خلاله بالتنسيق مع حاكم مصرف لبنان لأيداعها الأقتراحات المتعلقة بالمراسيم المطلوب اصدارها والمتعلقة بالقانون رقم 193 تاريخ 16-10-2020 الكفيلة بسد الذرائع التي وردت في بيان المصرف المركزي الصادر بتاريخ 16-11-2020 .علمًا، اننا نعود ونؤكد مجددًا ان عدم اصدار المراسيم التطبيقية لقانون تضمن كل التفاصيل ومن ضمنها ألية تنفيذه دون حاجة الى اصدار مراسيم تطبيقية ولكن وحرصا من الحكومة على تسيير وتسهيل أمور المواطنين ومنع التلاعب بمستقبل اولادهم من خلال ذرائع واهية فقد وجهت هذا الكتاب وبحيث ستعمل على اصدار المراسيم التطبيقية لهذا القانون رغم عدم الحاجة اليها في أسرع وقت ممكن.