يبدو ان الرئيس المكلف كمن “قام بالواجب وأكثر” لا يريد سوى ملاقاته الى منتصف الطريق
شادي هيلانة – اخبار اليوم
لا شيء يفسّر اليوم صمت الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري سوى انتظاره مبادرة من جانب “حزب الله”، “والتيار العوني”تتكفّل بتمهيد الطريق أمام صدور مراسيم الحكومة.
يبدو ان الرئيس المكلّف كمن “قام بالواجب وأكثر” لا يريد سوى ملاقاته الى منتصف الطريق، فلا تنازل ولا اعتذار، هو أصلاً غير مطروح حتى إحتمالاً.
– عراقيل على كافة الجبهات .بالرغم من الزيارات الماراتونية للرئيس المكلف الى قصر بعبدا، فهو يكتفي بالقول بعد كل لقاء : “لقد زرت الرئيس عون للتشاور في الحكومة وسنكمل المشاورات مع باقي الافرقاء”.
فالمشاورات الحكومية لا تزال على حالها وهناك عقد كثيرة، منها: شكل الحكومة تكنوقراط او سياسية او سياسية مطّعمة بالتكنوقراط، اضافة الى عدد الوزراء .
من جهتها، تلتزم اوساط التيار الوطني الحر الصمت ازاء ملف التشكيل، فصمتها عائدٌ الى عدم الرغبة في دخول نادي المعرقلين، مع انعدام الاتصالات او اللقاءات المباشرة والغير مباشرة بين ” الحريري وباسيل “، الاثنين شروطهم باتت معلومة، بأن باسيل سيرفع من سقف مطالبه، في ظل وقوف حزب الله إلى جانبه، وخصوصاً بعد العقوبات الأميركية التي وضعت في إطار أنّ باسيل دفع ثمن ارتباطه بالحزب، وهذا المشهد يوحي بأن لا حكومة في المدى المنظور، علماً أن الموضوع غير محصور فقط بباسيل من جهة الأميركيين، فهم يعتبرون “حزب الله” خصماً رئيسياً لهم خلال مواجهتهم لإيران.
ومن جهة ثانية، اصرار الحريري على أن تكون الحكومة مؤلفة من 18 وزيراً، يعتبر من العثرات التي تجعل خطى التشكيل بطيئة.ولم يعد خافياً أن “الثنائي الشيعي”يقف إلى جانب المداورة الشاملة لكل الوزارات بما فيها السيادية، باستثناء وزارة المال، وذلك انطلاقاً من طبيعة النظام، وضرورة مراعاة التوازن الطائفي والمذهبي.
كما ان رئيس الجمهورية وباسيل يُصران على “وحدة المعايير”يعني أن ما يسري على الكتل الثانية يسري عليهم، أي كما يسمي حزب الله وأمل الوزراء الشيعة، وكما يسمي وليد جنبلاط الوزير الدرزي، وكما يسمي الحريري الوزراء السنّة، والرئيس عون وخلفه التيار يسميان الوزراء المسيحيين، في المقابل يصرّ الرئيس الحريري على المشاركة في تسمية الوزراء المسيحيين التزاماً بالمادة 64 من الدستور.
– عدم احترام المبادرة الفرنسية.
المبعوث الفرنسي باتريك دوريل غادر بيروت تاركاً جميع الأطراف أمام مسؤولياتهم.
وأعطاهم مهلة زمنية لا تزيد على أسبوعين للاتفاق على تأليف الحكومة، مهدداً بأنه في حال عدم تأليفها وبقاء الوضع على ما هو عليه، فإن المؤتمرات المخصصة للدعم الاقتصادي، والمشروطة بوجود حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات والالتزامات المطلوبة، ستُلغى.
فبعد مساس الرئيس الفرنسي بالرموز الدينية الاسلامية على حدّ تعبير البعض، كانت حجة الحجج، فهي بالأصل ولدت ميتة بالمفهوم اللبناني من ناحية العادات العقيمة في تشكيل الحكومات.
كل ذلك كان كفيلاً بترنح المبادرة الفرنسية على حافةِ الخمس دقائق الأخيرة من “الوقت الإضافي” الذي أُعطي لها، ودخولها عنق الزجاجة، في منطقة تشهد رمالاً متحركة ساخنة، وتخطو نحو تحولات هائلة، لم تفلح زيارتان رئاسيتان للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وتكليف استخباراتي وتجنيد دبلوماسي ودعم الإنتليجنسيا الفرنكوفونية في بيروت ووسام حول عنق فيروز، في تنفيذ المبادرة الفرنسية او حتى احترامها !