اتفاق بين “القوات” و”المستقبل”

الصورة باتت أوضح في ما يخص العلاقة بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل بعد مرحلة ضبابية نشأت بين الحزبين إثر اطلالة الرئيس سعد الحريري التلفزيوني مع الاعلامي مارسيل غانم ثم اشكالية عدم تكليف القوات للحريري، وبعد الانتقادات المتبادلة وكان آخرها تغريدات لأمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري ورد معراب عليه.

سعى الطرفان بحرص شديد على وقف الحملات المتبادلة التي لا تؤدي إلى نتيجة وتعتبرها القوات “انها تسيء إلى الطرفين حيث ان خلافنا مع المستقبل حول الموضوع الحكومي معروف لكننا نلتقي حول أمور أخرى من طبيعة استراتيجية، لذلك لا يجوز أن يخيّم الخلاف على الأمور المتفق عليها، وقد حصل اتصال بيننا أوضحنا فيه اننا عندما تنتقد حكومة المحاصصة فهي لا تنتقد الرئيس الحريري بل الفريق الأكثري الذي تعتبر ان لا أمل بالتعاون معه، فيما الحريري يعتبر ان هناك فرصة ويطلب من القوات أن تحكم على النتائج أي بعد تأليف الحكومة، أما نحن فنعتبر ان الحريري بإمكانه الاستفادة من المواقف التي تصدر عنا من أجل أن يعزز موقفه وموقعه التفاوضي من أجل تأليف حكومة اختصاصيين مستقلين، ولا نرى ان هناك امكانية لغير هذه الحكومة لإخراج لبنان من أزمته. واتفقنا أن نسحب الخلاف من وسائل التواصل الاجتماعي والتراشق الاعلامي وابقاء الأمور ضمن اطار التواصل بيننا”.

من جهته، يرى تيار المستقبل “ان الحزبين يلتقيان على الأمور الاستراتيجية، واختلافنا يكمن بطريقة مقاربة الأمور، لكن هذا لا يعني بأن الاتصالات مقطوعة، ربما تتراجع احياناً إلا ان التفاهم على الأهداف الاستراتيجية هو السقف الذي نعمل والقوات تحته، انما التكتيكات تختلف أحياناً”.

ولا ينكر المستقبل ان القاعدتين الحزبيتين ليستا بعيدتين عن بعضهما، وقد تحصل بعض الاحتكاكات انما لا تُفسد بالود قضية لأن البلد يحتاج إلى هذه العلاقة.

وعن توقّع لقاء بين الرئيس الحريري ورئيس القوات سمير جعجع، تقول القوات انه لا يبدو ان اللقاء على وشك أن يحصل في هذه الظروف، انما ممكن أن يحصل بطريقة طبيعية في أي وقت، علماً ان الحريري منشغل بتأليف الحكومة وهو لا يلتقي حالياً رؤساء الكتل، وهو لديه اولويات من طبيعة حكومية فيما جعجع اولوياته للانتخابات النيابية المبكرة واسقاط الأكثرية الحاكمة، وبالتالي هناك تشخيص مختلف لطبيعة الأزمة وهناك توجهات مختلفة بكيفيّة مواجهة الواقع الحالي، ونخاف أن لا يؤدي اللقاء بين الرجلين إلى النتائج المرجوة. اللقاء يجب أن يتم وفق برنامج سياسي مشترك، ويبدو ان البرنامج مفقود حالياً في ظل الاولويات المختلفة.

ولا تستبعد مصادر “المستقبل” أن يحصل مثل هذا اللقاء على مستوى القمة لكنه يحتاج إلى ظروف موضوعية.

ونسأل الحزبان لماذا تعطلت عملية تأليف الحكومة؟ تجيب مصادر القوات،”تعطلت عملية التأليف بسبب الفريق الأكثري، وهذا ما قلناه للرئيس الحريري منذ اللحظة الأولى بأنه لا يجب أن يعتبر بوجود فرصة، لا فرصة مع هذا الفريق لا من قريب ولا من بعيد، الأكثرية الحاكمة تريد حكومة محاصصة، وحزب الله لديه حساباته ويعتبر ان هناك تحوّلات في المنطقة ويحرص على الاستمرار بامساكه للحكومة…من أفشل المبادرة الفرنسية؟ هذا الفريق لجأ كالعادة إلى المحاصصة وتسمية وزرائه وتمسك بوزارة المالية وبالتالي هو من أفشل المبادرة الفرنسية. في المقابل تتمنى فرنسا بكل لحظة أن تنقذ لبنان، لكن عملية الانقاذ متعثرة بسبب سياسات هذا الفريق لجهة ابقاء سيطرته على مفاصل السلطة في لبنان”.

ونسأل المستقبل، هل ما زالت المبادرة الفرنسية رغم تعطّل عملية التأليف؟ ترد مصادره،”الدعم الفرنسي لا يزال موجوداً، وهذا ما تحرص على تأكيده الرئاسة الفرنسية وكذلك أكده المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل أثناء زيارته للبنان. أما عرقلة تشكيل الحكومة فتحصل بسبب محاولات البعض الخروج عن النصوص الدستورية التي ترعى آليات التشكيل وخصوصاً المادة 64 من الدستور. ما نراه هي رغبة البعض بالعودة إلى آليات قديمة في تشكيل الحكومة، صحيح انها كانت حكومة وحدة وطنية إلا انها حكومات محاصصة أوصلت الأمور إلى ما وصلنا اليه اليوم”.

تضيف،”لدينا اليوم مبادرة فرنسية تهدف إلى تشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين يتمتعون بالكفاءة والنزاهة ويكسبون ثقة الداخل اللبناني والمجتمع الدولي حتى يتمكن من مدّ يد المساعدة للبنان”.

وعن امكانية تأييد القوات لوحدة المعايير التي يطالب بها التيار الوطني الحر لجهة اختيار الوزراء المسيحيين كما يفعل المكوّن الشيعي والدرزي والسني، تقول “القوات”،”لا نعلم في الحقيقة ماذا يحصل! انها وجهة نظر التيار، أما الحريري فيقول ان الأمر غير صحيح. بالنسبة الينا الأمور تقاس بالنتائج أي عند تشكيل الحكومة وعندها نستطيع أن نحكم. إذا التزم الحريري بتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين ولم يأخذ في الاعتبار تسميات الكتل يكون عمل بوحدة المعايير. ما نسمعه اليوم هي تسريبات اعلامية ، لذلك المطلوب من الرئيس الحريري بشكل واضح أن يقوم بتشكيل حكومة ويوجّه رسالة إلى كل اللبنانيين يقول فيها، هذا النموذج من الحكومات التي اريدها، إذا قام بذلك وإن رفضها رئيس الجمهورية يكون قد قام بواجبه وقطع الشك باليقين. أما اذا استمرت الأمور على ما هي عليه فنظن ان الأمور الخلافية هي أمور محاصصاتية”.

من جانبها، تتساءل مصادر المستقبل،”من يقول ان الرئيس الحريري لا يعتمد وحدة المعايير؟ مسألة قبول الحريري بوزارة المالية للمكوّن الشيعي كانت خلال مهمة الرئيس المكلف السابق مصطفى اديب ولمرة واحدة وأخيرة! ما يحصل الآن ان التيار الوطني الحر يعرقل تشكيل الحكومة بذريعة وحدة المعايير، وعلى المكوّنات السياسية الحكم على التشكيلة بعد صدورها لا استباق الأمر”.

تؤكد القوات ان الرئيس الحريري يعرف مصلحته وهو يحدد موقفه، أما بالنسبة الى القوات فتلفت إلى انها لم تكلف الرؤساء حسان دياب ومصطفى اديب وسعد الحريري انطلاقاً من وجهة نظر ثابتة بأن التعامل مع الفريق الأكثري الحاكم فالج لا تعالج، وترى “ان الحل بتركه يحكم ويتحمّل مسؤولية السياسات التي اعتمدها حتى اوصلنا إلى الانهيار والفشل والكارثة، وإذا أراد أن يتعاون مع الفريق الآخر اي نحن والمستقبل والاشتراكي  عليه أن يتعاون بشروط البلد وليس بشروطه من أجل الانقاذ، هو يريد من يغطيه ولا يريد انقاذ البلد، ويهمنا أن نوضح ان القرار يعود للرئيس الحريري عندما يكتشف ان التعاون مع هذا الفريق غير ممكن وانه لا توجد فرصة حقيقية للانقاذ حينها سيتخذ الموقف المناسب وهذا ما نأمله”.

أما المستقبل فيرى ان كل الخيارات مفتوحة أمام الحريري، “وهو مرشح طبيعي وجاهز لتحمّل المسؤولية وليس التخلي عنها في حال اراد البعض حمله على ذلك لأهداف خاصة. هو يأخذ الموقف المناسب في الوقت المناسب”.