جاء في “المركزية”:
يطوي انفجار مرفأ بيروت المشؤوم صفحة المئة وثمانية ايام في ظل عقم غير مقبول على مستوى نتائج التحقيقات لا تشفع به بعض تبريرات المسؤولين السياسيين والامنيين لجهة انعدام الادلّة نظرا لحجم الاضرار التي خلّفها. وعلى رغم مشاركة اكثر من فريق تحقيق دولي في التحقيقات التي انتهى بعضها ويبقى البعض الآخر، لم يتسن للبنانيين المفجوعين معرفة تفصيل صغير في شأن حقيقة من دمر عاصمتهم وقتل ابناءها ويتّم اولادها وجرح سكانها وهجّر قاطنيها.
وفي غياب اي بصيص امل بإمكان بروز ما يهدئ روع اهالي الضحايا الذين لم يجدوا سوى الشارع سبيلا لرفع الصوت، تقول اوساط عليمة في المجتمع المدني معنية بمسار الاضرار التي احدثها انفجار المرفأ لـ”المركزية”، ان تقصير الدولة في التحقيق لا يقتصر على مستوى واحد بل يتشعب.
وتشير الى ان سقفين وُضعا للتحقيق في الانفجار: افقي وعامودي الامر الذي حّد من امكانية التوسع في التحقيق. فالسقف الافقي يحول دون معرفة من هو مالك الشحنة ومن الممول، بصرف النظر عن ان الانفجار جريمة بحد ذاتها، ارتُكبت بإدخل المتفجرات الى لبنان من دون قرار صادر عن مجلس الوزراء.
فوفق قانون المتفجرات لا يمكن لاي مسؤول اتخاذ قرار ادخال اي نوع من المتفجرات الا بقرار من مجلس الوزراء وفق المادة 17 من قانون المتفجرات. ان الجريمة اذن هي في ادخال المتفجرات الى المرفأ سواء انفجرت ام لم تنفجر، وقد تمادت طوال 6 سنوات اي منذ يوم ادخال الشحنة الى المرفأ.
وتؤكد ان على التحقيق ان يكشف هوية مالك المتفجرات والممول. وما دام هذا السقف لم يُخرق ومن دون الكشف عن مالك البضاعة وعن ممول الشحنة يبقى التحقيق ناقصا.
وتضيف: اما السقف العامودي، فيعود الى حصر التحقيق بمستوى الموظفين واستدعائهم كمدعى عليهم وعدم شمول المسؤولين من رؤساء ووزراء. اذ لا يمكن تحديد سقوف وضوابط للتحقيق في جريمة بهذا الحجم.
ان تحقيقا يجري تحت السقفين المشار اليهما ليس مكتمل العناصر، فهو يجهّل الفاعل ويخفي صاحب المسؤولية الفعلية، وللشعب الحق في تجاوز السقف العامودي لمساءلة المسؤول السياسي بغية تحديد المسؤولية العملية في الجريمة.
وله الحق ايضا في خرق السقف الافقي لكشف هوية المالك والممول وتحميلهما المسؤولية ومن يقف وراءهما من شركات ودول.
وتردف، المصادر، لا بد للتحقيق من خرق السقف العامودي لادراك المستوى السياسي للمسؤولية وتجاوز السقف الافقي لادراك اسماء المالكين والممولين الفعليين للمتفجرات.
وتتوقف في السياق، عند قضية الوزيرين السابقين شاهيه برصوميان وعلي عبدالله لتذكر بالقرار الذي صدر عن القضاء بحبسهما.
فقد اقر القضاء اللبناني انذاك بأن القضاء العدلي صالح لمحاكمة الوزراء ورؤساء الحكومة اذا لم يضع مجلس النواب يده على الملف جزائيا والادعاء على الاشخاص. لكن، على ما يبدو، ثمة من يعمل على حماية المسؤولين الحقيقين عن انفجار المرفأ، على رغم فظاعته، متجاهلا المئتي قتيل والخمسة الاف جريح والعاصمة النازفة المهدمة، لقطع الطريق على المطالبة بالتعويضات، ذلك ان كل من ساهم في ايصال المتفجرات الى بيروت، مسؤول جزائيا ومدنيا ويعطي المتضررين الحق بمقاضاته امام القضاء والمطالبة بالتعويضات.