كتب ابراهيم ريحان في “أساس ميديا”:
لاشكّ أنّ الأيّام الأخيرة لدونالد ترامب ستحمل معها توتّرات واسعة في الشّرق الأوسط، إذ إنّ كلّ المعطيات والمؤشرات القائمة تؤدّي إلى استنتاج واحد: “لن تكون المنطقة بخير”.
من العراق إلى سوريا وصولًا إلى لبنان، تحرّكات وعمليات عسكرية وأمنية وحراك سياسي، كلّها تدلّ على أنّ الأطراف وصلوا إلى حائط مسدود. أمّا لبنان، فيبدو أنّه سيكون في “عين” أيّ عاصفة قد تهبّ في الشّرق الأوسط، إذ تلحظ المؤشرات التالية خطورة الوضع الذي وصلت إليه منطقة باتت على حافّة الهاوية أكثر من أيّ وقت مضى، ولا تحتاج إلى أكثر من “دفشة” صغيرة ليس واضحاً من الذي سيبادر إليها.1- حزب الله يكرّس “الكيان الموازي” اقتصاديًا وكهربائياً وتموينياًعمل حزب الله في الآونة الأخيرة على تكريس “دولته الاقتصادية” عبر إضافة خدمات “الصّرّاف الآلي” (ATM) لفروع مؤسسة القرض الحسن في الضاحية الجنوبية. وهذه خطوة يقول المراقبون إنّها تندرج في إطار محاولة الحزب استباق أيّ خطوة أميركية للضغط على المصارف بهدف إقفال فروعها التي تعتبرها الولايات المتحدة عاملة في مناطق نفوذ الحزب، كما تندرج في سياق توسعة نشاط الدّورة الاقتصادية في “البيئة” الحاضنة، للحفاظ على أكبر كمية ممكنة من الدّولار الأميركي الذي يضخّه الحزب شهريًا ضمن بيئته، والذي يُقدّر بعشرات ملايين الدولارات.مع خطوة الـ ATM، أشارت معلومات مُطّلعة لـ”أساس” إلى أنّ حزب الله يعمل على إنشاء “استهلاكيات تموينية” ضمن مناطق نفوذه لتغذيتها ببضائع إيرانية وبأثمان رخيصة لضبط الإيقاع ضمن “بيئته الحاضنة”، ولاستباق المؤشرات الاقتصادية الكارثية للبنان، خصوصًا في حال رفع الدّعم عن المواد الغذائية في الأشهر المقبلة، بعد أن سجّل احتياطي مصرف لبنان من العملة الصّعبة انخفاضًا كبيرًا.
من العراق إلى سوريا وصولًا إلى لبنان، تحرّكات وعمليات عسكرية وأمنية وحراك سياسي، كلّها تدلّ على أنّ الأطراف وصلوا إلى حائط مسدودوبالإضافة إلى ما سبق، أوضح مراقبون إلى أنّ “الإشكال” الذي شهدته ضاحية بيروت الجنوبية قبل أيّام بين عناصر من الحزب (وعلى رأسهم مسؤول اللجنة الأمنية في بئر العبد علي أيوب) وآخرين من آل المقداد، على خلفيات تتعلّق بإدارة مولّد كهربائي، لا يخرج عن إطار تكريس الحزب لـ “الكيان الموازي”. فالحزب يتجه في الآتي من الأسابيع للسيطرة بشكل مباشر على مولّدات الكهرباء في الضاحية الجنوبية وغيرها من المناطق، وذلك مع ارتفاع التوقّعات بغرق لبنان في العتمة خلال الأسابيع المقبلة بعد انتهاء عقد شركة سوناطراك من جهة، والصعوبات التي تواجهها الشركات المستوردة للنفط في لبنان لجهة فتح اعتمادات. وعليه قرّر حزب الله “توليد الطاقة الكهربائية” ضمن بيئته عبر استيراد الفيول المخصّص لها من إيران. وعندها يكون لبنان رسميًا أمام “شركة كهرباء حزب الله”، التي ستنضم إلى مجموعته “المصرفية”: القرض الحسن، والاستهلاكيات، وشبكات محطات الوقود، والمستشفيات، والمستوصفات، والجامعات، والمعاهد، والمدارس بالإضافة إلى جهازيه العسكري والأمني، ويكون الحزب لوحده جاهزًا ككيانٍ لأيّ تصعيد في المنطقة، خصوصًا ما يتعلّق بتشديد الخناق الاقتصادي والعزلة على لبنان، كما أشارت السفيرة الأميركية في كلامها الأخير.2- عرض الانسحاب الأميركي والرّفض الإيراني الصاروخي على السفارة في بغدادمن المؤشرات البارزة التي لا بدّ من قراءتها بتأنٍّ، هو قرار الانسحاب شبه الكامل للقوات الأميركية من أفغانستان والعراق بعد سحب قسم كبير من القوات العسكرية المرابطة في شمال شرق سوريا بشكلٍ مفاجئ. والجدير بالذكر أنّ قرار الانسحاب جاء مباشرة بعد إقالة دونالد ترامب وزير دفاعه مارك إسبر واستبداله بكريستوفر ميلر، الذي أذاع القرار بشكلٍ رسميّ في مؤتمر صحافي عقده ليل الثلاثاء الماضي في البنتاغون، وتبعه مباشرة مؤتمر آخر للغرض نفسه لمستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين من أمام البيت الأبيض. وكان لافتًأ جدًا اكتفاء المسؤولين الأميركيين بالكلمة التي ألقاها كلّ منهما والمغادرة بشكل فوري دون إعطاء أيّ فرصة للصحفيين المدعوين لكلا المؤتمرين…
خطوة الانسحاب الأميركي، وبحسب مصدر وثيق الاطلاع جاءت لسببين لا ثالث لهما:1- ضمان أمن القوّات الأميركية في مناطق انتشار ميليشيات موالية لإيران، وهي المواصفات التي تنطبق على سوريا والعراق وأفغانستان، وذلك في حال قرّر ترامب توجيه ضربة واسعة لـ”هدفٍ ما” في المنطقة.2- عرض غير مباشر قدّمته الولايات المتحدة لإيران أساسه: انسحاب أميركي من المنطقة مقابل غضّ طهران الطّرف عن ضربة قد تُوجّه لحزب الله في لبنان وسوريا.من المؤشرات البارزة التي لا بدّ من قراءتها بتأنٍّ، هو قرار الانسحاب شبه الكامل للقوات الأميركية من أفغانستان والعراق بعد سحب قسم كبير من القوات العسكرية المرابطة في شمال شرق سوريا بشكلٍ مفاجئإلا أنّه وبحسب المراقبين، جاء الرّد الإيراني برفض العرض الأميركي عبر إطلاق صواريخ 122 ملم إيرانية الصّنع على السفارة الأميركية في بغداد عوضًا عن الكاتيوشا الرّوسية، بعد دقائق قليلة من مؤتمري ميلر وأوبراين، وبعد 3 ساعات من مكالمة هاتفية جمعت رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بوزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو. وكذلك عبر زرع عبوات قرب السياج الحدودي مع الجولان المُحتلّ في سوريا، وإثارة تحرّكات قرب الحدود الفاصلة قرب بلدة الغجر اللبنانية وقطاع غزّة ليل الثلاثاء – الأربعاء، في إشارة واضحة تقول بترسيخ معادلة “ترابط الساحات”، وهي أنّ أيّ ضربة توجّه لأيّ طرف في محور إيران – سوريا – حزب الله سيتعامَل معها “المحور من جبهات عديدة.3- عودة الغارات الإسرائيلية إلى سوريابعد أسابيع من الانقطاع، عادت الغارات الإسرائيلية لتستهدف مواقع تابعة لقوّة القدس في الحرس الثوري الإيراني ولحزب الله في سوريا “كردٍّ” على زرع العبوات الناسفة قرب الجولان. إلّا أنّ كلام الجيش الإسرائيلي بعيد الغارات التي شُنّت قرب دمشق فجر الأربعاء يشير إلى أنّ الهدف هو أبعد من ردّ على العبوات، إذ أكّد التصريح على أنّ تل أبيب لن تسمح بتموضع إيراني قرب الجولان، ولا حتى في كلّ سوريا. وكذلك تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي وشريك الائتلاف الحاكم بيني غانتس عن أنّ جعل أراضي سوريا ممرًا لتهريب السّلاح لحزب الله لن يمرّ مرور الكرام…4- الحراك الدبلوماسي الأميركي في المنطقةتشهد منطقة الشّرق الأوسط حراكًا سياسيًا دبلوماسيًا من قبل الأميركيين، إذ يجول وزير الخارجية مايكل بومبيو فيها، وكذلك يجول في جدول زيارات منفصل، مساعده للشؤون السياسية والعسكرية آر كلارك كوبر، الذي صرّح من دولة الإمارات أنّ مقاتلات الـF-35 ستصل إلى مطار أبوظبي العسكري مطلع كانون الأوّل المقبل، وكذلك شدّد على أنّ “تهديد حزب الله يطال كلّ العالم”.ومن المرتقب أن يزور بومبيو إسرائيل ويلتقي بنيامين نتنياهو، كما تُسجّل له زيارة لمرتفعات الجولان وإحدى مستوطنات الضفة الغربية.وجدير بالذّكر أنّ جولة المساعد كوبر تشمل بالإضافة إلى دولة الإمارات، المملكة العربية السعودية، مملكة البحرين، وإسرائيل.5- ترامب أراد توجيه ضربة لمفاعل نطنز… والبديل؟
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أنّ مستشاري الرئيس دونالد ترامب وقيادة أركان الجيش أقنعوه بضرورة التراجع عن توجيه ضربة عسكرية لمنشأة نطنز النووية في إيران باعتبار أنّ ضربة كهذه قد تُشعل حربًا في المنطقة. وأكّدت الصحيفة أنّ ترامب قد يوجّه ضربة محدودة ضد أهداف إيرانية أو أهداف لحلفاء طهران في منطقة الشّرق الأوسط، دون أن تحدّد الصحيفة أيّ “حلفاء” قد يقرّر ترامب توجيه الضربة لهم عوضًا عن طهران…