استبعاد لتأليف قريب… والعين على الثلث المعطّل

جاء في “المركزية”:

صحيح أن التيار الوطني الحر رفض أن يسمي الرئيس سعد الحريري لتأليف الحكومة الجديدة، لكنه سارع، في محاولة مبكرة لقطع الطريق على متهميه بالتعطيل، إلى تأكيد حرصه على تسهيل مهمة الرئيس المكلف إلى أبعد الحدود. كان هذا كله قبل أن تبادر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى فرض عقوبات قاسية على رئيس التيار، النائب جبران باسيل، لتعود الأمور إلى المربع الأول، ويطفو على السطح الحكومي الثلث المعطل الشهير، والحسابات ذات الطابع الرئاسي.




وفي السياق، أشارت مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية” إلى أن البيان الذي صدر أمس عن قصر بعبدا في أعقاب لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والموفد الفرنسي باتريك دوريل حمل إشارة واضحة إلى استبعاد تأليف قريب لحكومة ينتظرها اللبنانيون والمجتمع الدولي، فيما الأطراف السياسيون لا يزالون يتناتشون الحصص ببرودة، وكأن انفجار المرفأ لم يقع قبل مئة يوم. لكن، أبعد من الصورة القاتمة التي رسمها بيان بعبدا، قرأت المصادر بين السطور تماهيا رئاسيا مع موقف التيار الوطني الحر، القائم أولا على ما يسميه العونيون وحدة المعايير في التشكيل. حيث أن بعض المراقبين يلتقون مع المصادر السياسية المذكورة على تأكيد أن بعبدا وميرنا الشالوحي تحاولان إعطاء طابع سياسي بامتياز للمفاوضات الجارية راهنا، بدليل ما سرب من معلومات حول لقاء عون والحريري الأخير، الاثنين الفائت. وكشفت هذه المعلومات، التي لم تصدر بعبدا أي نفي في شأنها حتى اللحظة، أن عون طلب إلى الحريري أن يتفاهم مع القوى السياسية قبل لقائه مجددا لمناقشة الملف الحكومي.


واعتبرت المصادر أن في هذا الطلب استعادة لمقولة “قوم بوس تريز”، التي كان رئيس القوات سمير جعجع يستخدمها للإشارة إلى أن عون كان يحضه على الاتفاق مع الوزير باسيل، لا معه شخصيا. غير أن هذا الطلب يكتسب في هذا التوقيت بالتحديد أهمية كبيرة، على اعتبار أنه يهدف أولا إلى تعويم باسيل سياسيا، بعدما تلقى ضربة قوية بعد العقوبات الأميركية، معطوفة على تصريح سفيرة الولايات المتحدة في بيروت دوروثي شيا، لدحض تصريحات باسيل التي أتت غداة القرار الأميركي في حقه.



ونبهت المصادر إلى أن خطاب الرد نفسه حمل إشارات حكومية كبيرة، من غير أن تطابق واقع الأمور على الأرض. ففي وقت يصر التيار، كما أكد على لسان النائب سيزار أبي خليل على أنه يسهل الأمر على الحريري، إلا أن المصادر نبهت إلى احتمال أن يكون العهد وداعموه على يقين بأن الحكومة العتيدة قد تكون الفريق الوزاري الأخير قبل نهاية ولاية الرئيس عون، ما قد يبرر، في نظر الموالين، سعي باسيل إلى نيل الثلث المعطل، مخافة إنقلاب سياسي عليه، أو على فريقه. قد تكون هذه هي الوسيلة الفضلى بين يديه ليتحكم بالقرار السياسي في المرحلة المقبلة، خصوصا متى دقت ساعة الاستحقاق الرئاسي من دون توفر فرص انتخاب خلف للرئيس عون، كما حصل في مراحل سابقة عديدة. هكذا تفسر المصادر أيضا مسارعة التيار إلى رفض اقتراح الحريري المشاركة في تسمية الوزراء المسيحيين، في محاولة لقطع طريق الثلث المعطل على الفريق الرئاسي وحلفائه (5 وزراء مسيحيين من أصل9 في حكومة 18)، مذكرة في المقابل بأن ما دام الجانبان على موقفيهما، فإن التأليف قد يطول إلى ما بعد تسلم جو بايدن مهامه الرئاسية في البيت الأبيض.