على أنّ هذه الصورة التشاؤمية تجلّت بشكل واضح في بعض الصالونات السياسية المعنية مباشرة بملف التأليف، حيث برز فيها تقييم لشخصية سياسية رفيعة المستوى خلصت فيه الى الآتي:
اولاً، العوض بسلامتكم في ما خصّ الحكومة، كنا ننصح ونأمل في أن يتمّ تشكيل الحكومة قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية، وأمّا الآن فقد فتحت امامنا صفحة جديدة عنوانها العقوبات الاميركية، التي طالت باسيل، وقد تطال شخصيات اخرى تنتمي الى جهات سياسية اخرى، وهناك مؤشرات الى أنّ هذه العقوبات ستصدر خلال فترة وجيزة، والواضح من اداء بعض المعنيين بالحكومة انّ هناك محاولة جدّية للربط المتعمّد بين تأليف الحكومة والعقوبات، ما يعني انّ هذا التأليف قد تعثّر في الوقت الراهن، ويمكن مع هذه التطورات افتراض انّ تأليف الحكومة قد رُحِّل الى فترة طويلة أقلّه الى شهر آذار المقبل، وربما الى ما بعد تشكّل الادارة الاميركية الجديدة برئاسة الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن.
ثانياً، إنّ بعض المعلومات تشير الى انّ الادارة الاميركية الحالية، وكما مارست ضغوطاً على باسيل، يُخشى انّها قد مارست ضغوطاً مماثلة على بعض المعنيين الآخرين بالملف الحكومي، وتلويحاً بفرض عقوبات عليهم على غرار باسيل، كالرئيس سعد الحريري على سبيل المثال، وذلك لقطع الطريق على اي محاولة لتشكيل حكومة تضمّ في صفوفها حضوراً مباشراً او غير مباشر لـ»حزب الله» عبر وزراء يسمّيهم الحزب او وزراء تابعين له.
ثالثاً، انّ بعض المعطيات المتوفّرة من بعض الجهات السياسية المحلية تفيد بتوجّه لديها نحو عدم الرضوخ لضغوطات الإدارة الاميركية الحالية، باعتبارها ادارة راحلة، وبالتالي محاولة تحقيق ما يمكن لها ان تحققه في حكومة، خلافاً لرغبة هذه الادارة الاميركية الراحلة، والتي تصفها هذه الجهات بالادارة الظالمة، ما يعني انّ الوضع اللبناني وفي هذا الجو التصادمي، مفتوح على احتمالات خطيرة، من الآن ولغاية انتهاء ولاية الرئيس الاميركي دونالد ترامب اواخر شباط المقبل.
رابعاً، انّ كل المؤشرات تشي بأنّ الفترة الفاصلة من الآن وحتى نهاية ولاية الادارة الاميركية الحالية، هي الأكثر خطورة التي تشهدها نقاط كثيرة على مستوى العالم ومن ضمنها لبنان، فما يُخشى منه هو ان تبادر ادارة اميركية ترامبية متهورة في اتخاذ مزيد من القرارات والخطوات، سواء على مستوى الداخل الاميركي، او على مستوى العالم ملزمة بها الادارة الاميركية، ومن شأنها ان تخلق توترات على اكثر من جبهة، وتشكّل ارباكاً لإدارة بايدن قبل تشكّلها، ويندرج في ذلك، حمل رئيسة الادارة الوطنية للأمن النووي في وزارة الطاقة الاميركية، التي تشرف على مخزون الولايات المتحدة من الأسلحة النووية، جوردون هاجرتي، على الاستقالة من منصبها، دون إبداء الأسباب.
وإيكال هذا المنصب لأحد المقربين من ترامب وليام بوكليس، وكذلك محاولة رفع مستوى الاستفزاز للصين، عبر القرار الذي اتخذته ادارة ترامب، ومن دون سابق انذار رفع «حركة تركستان الشرقية الاسلامية» التي تمثل جماعة ( الإيغور) المعروفة بتطرّفها وعنفها الاجرامي، عن لائحة الارهاب، بعد عقدين من تصنيفها في اعقاب هجمات 11 ايلول في العام 2000.ولعلّ اخطر ما تحذّر منه الشخصية السياسية الرفيعة المستوى، ان تفاجئ ادارة ترامب الجميع بقرارات غير متوقعة، سواء تجاه ايران او سوريا او تجاه الملف الفلسطيني وحتى جنوب لبنان ومزارع شبعا.
ومن هنا فإنّ اعين اللبنانيين ينبغي انّ تظل مفتوحة خلال الشهرين الخطيرين، سواء في اتجاه الداخل اللبناني او في اتجاه الجبهة الجنوبية، تحسباً لأي طارئ قد يقلب الأمور رأساً على عقب.
المصدر: الجمهورية