بعد باسيل… الحريري يخشى العقوبات فما مصير الحكومة؟

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:



في زيارات تحتسب بالعدد لا بالنتيجة، زار الرئيس المكلف سعد الحريري قصر بعبدا وعقد لقاءه الاسبوعي مع رئيس الجمهورية ميشال عون، لكن الاجواء لم تكن ايجابية لناحية ان الحريري لم يحمل معه منذ تكليفه اي مسودة حكومية ولو أولية، بل ان كل زيارة من الزيارات تجرّ معها خلطاً جديداً للاوراق انتفت معه المداورة او الاتفاق على الحقائب وتوزيعها على الطوائف. ومنذ تكليفه وحتى اليوم لم يحمل الحريري الى بعبدا اي مسودة حكومية وانما صيغاً واقتراحات وجداول اسماء لحقائب يفترض انها من حصة رئيس الجمهورية. في محصلة ما يبحثه الحريري لم يدخل بأي نقاش حول الاسماء مع اي جهة يفترض انها معنية بالحكومة، بما في ذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان آخر تواصل معه الاسبوع الماضي، حيث عبر للرئيس المكلف عن استيائه لخروجه على الاتفاق بترك حرية تسمية الوزراء الشيعة للثنائي. والمتوقع ان تطول زيارات الحريري الى بعبدا حتى يصعب تعدادها. هنا أيضاً يغمز الخصوم من قناة محاولة الرئيس المكلف الاقتصاص من العهد بتمرير ما امكن من الوقت على مشاورات من دون تشكيل بما يشبه الإستنزاف.



يوماً بعد يوم تترسخ قناعة لدى البعض بخوف الحريري من العقوبات الاميركية بحقه ما قيد حركته، فلا هو قادر على مشاركة الآخرين بمشاوراته والوقوف على رغبتهم ولا هو قادر على الاعتذار لعدم وجود خيار بديل، وبالمقابل ليس من السهل عليه تقديم صيغة حكومية غير توافقية لن يوقعها رئيس الجمهورية حكماً. عوامل تقود الى الاستنتاج بأن لا حكومة في المدى المنظور، لا سيما بعد العقوبات الاميركية على رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل والتي زادت الاوضاع المتصلة بمشاورات الحكومة تعقيداً.

مستفيداً من العقوبات، يطرح الرئيس المكلف على رئيس الجمهورية ان يتولى تسمية الوزراء في الحكومة وان يكون هو في واجهة التشكيل تجنباً لمزيد من العقوبات. سلوك فسّره المعنيون على انه محاولة للابتزاز من الرئيس المكلف يصعب صرفه في الوقت الراهن. يسلم “حزب الله” بأن تشكيل الحكومة لا يزال معلّقاً والمساعي المبذولة لم تنجح حتى الساعة. لا يبدو بعيداً عن منطق باسيل الذي نصح الرئيس المكلف بأن الطريق السليم لتشكيل الحكومة يكمن في اعتماد “معايير واضحة وموحّدة” والا “فالحكومة ستتأخّر ومن يؤخّرها هو من يضع معايير استنسابية ويخبئها بوعود متناقضة بهدف واحد هو تكبير حصّته فقط”. ومثل هذا السقف الذي يلتزم به رئيس الجمهورية حكماً لن يكون خارجه “الثنائي الشيعي” الذي لم يرق له كيف عاد الحريري الى المربع الاول في رغبته اختيار اسماء الوزراء للحقائب من حصة الثنائي ومن بينها المالية!



كما ويصر الحريري على ان يكون شريكاً في تسمية الوزراء المسيحيين ويتدخل الى جانب رئيس الجمهورية في تسميتهم، ومن ضمن الاقتراحات التي يقدمها احتساب وزارة الطاقة من ضمن حصة “المستقبل” كما الاتصالات التي يرشح لتسلمها جو صدّي، كاثوليكي من بيروت وتربطه علاقة بمسؤولين فرنسيين.

لا يجد فريق “الثامن من آذار” تفسيراً لسلوك الحريري غير سعيه الى الهيمنة المطلقة على تشكيل الحكومة.

على خط بعبدا ينشط الرئيس المكلف من دون ان يتواصل مع اي مكون معني بالملف لا سيما مع “الثنائي الشيعي”، جرياً على العادة ولا مع اي مكون سياسي آخر. اما “حزب الله” فقد انصرف عن الاهتمام بأمر تشكيل الحكومة وهو لا يرى ان تشكيلها ميسر في الظرف الراهن. يعلم ان الحريري لن يعتذر وان باسيل كما رئيس الجمهورية مصران على معاييرهما. ورغم ذلك فلا نية لديه بالتدخل. لم يطلب منه التدخل ولا رأى مصلحة بذلك. وبتقديره ان العقوبات جاءت لتعقّد التشكيل وتزيد الطين بلة.

النقطة الاساسية هنا ان الحريري الذي يتجنب الحديث مع باسيل بحجة العقوبات لن يفتح حواراً مع “حزب الله” حكماً للسبب عينه وخشية من الاميركيين، وهنا لن يكون “الحزب” متساهلاً بحيث لن يقبل بأي حكومة لا يتمثل بها تحت اي عنوان يرتضيه رئيسها. لم يعد الموضوع مرتبطاً بموعد الانتخابات الاميركية وتعداها الى تسلم الرئيس الجديد ولايته وصولاً الى العقوبات التي فرضت على باسيل وتردداتها. دخلت القوى المعنية بالملف الحكومي مرحلة بحث للمرحلة المقبلة والبناء عليها، وحده الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله قد يخرج الاوضاع من ركودها خلال اطلالته المرتقبة يوم غد، والتي سيعرض خلالها للاوضاع الراهنة.