الكتائب والانتخابات الأميركية: الإنقاذ بخيارات لبنانية

“ليبانون ديبايت” – بيار ساروفيم
بدا حزب الكتائب اللبنانية بعيداً عن مشهدية الانقسام اللبناني حيال الانتخابات الرئاسية الاميركية والمتنافسين فيها والمراهنين على نتائجها أو الخائفين منها.
ولاحظ القريبون من القيادة الكتائبية أن لا شيء في تعاطيها مع التطورات أو في خياراتها مرتبط في شكل عضوي بما تشهده الولايات المتحدة، ذلك أنها تعتبر الثوابت التي قامت عليها مواقفها من مختلف الملفات اللبنانية السياسية الداخلية والخارجية والاقتصادية والاصلاحية والاجتماعية مبنية على رؤى وتطلعات لبنانية صرفة ترتبط بمصلحة لبنان وبخيارات اللبنانيين في شأن حاضرهم وبناء مستقبلهم.

وإذ ترى القيادة الكتائبية بأنه من الطبيعي أن يأخذ من يتعاطى السياسة في لبنان في الاعتبار أية متغيرات إقليمية ودولية، إلا أنه من غير المنطقي ربط خيارات اللبنانيين الاستراتيجية والأساسية والبنيوية، والاستحقاقات اللبنانية الداخلية بالسياسات الخارجية للدول الكبرى والفاعلة. فدور الأحزاب والقيادات السياسية اللبنانية وأصحاب القرار في لبنان هو التفاعل مع السياسات الدولية على نحو يحمي لبنان ويساعده على الخروج من أزماته، لا الاستسلام لما يقرره الغير.
ويوضح القريبون من الكتائب أن “القيادة الرشيدة هي التي تستفيد من كل الفرص الدولية المتاحة لتعزيز مصالح شعبها، والتي تجهد في شرح أهمية هذه المصالح لمواقع القرار العربي والدولي، والتي توظف ذكاءها وفطنتها وحسن تدبيرها لجعل السياسات الدولية تأخذ في الاعتبار مصالح لبنان، خلافاً لما تقوم به المنظومة الحالية التي تربط الاستحقاقات اللبنانية بالخارج وتجعل من لبنان ورقة في الصراعات الإقليمية والدولية”.
وينقل القريبون من قيادة الكتائب تساؤلها: ما دخل تشكيل حكومة لبنانية ذات صدقية بالانتخابات الأميركية ونتائجها؟ وما دخل تأمين حق الشعب اللبناني في اختيار من يمثله في انتخابات نيابية مبكرة بالانتخابات الأميركية؟ ويتابعون: أما وقد حصلت الانتخابات الأميركية، فهل ستكون حجة المنظومة المقبلة انتظار الانتخابات الرئاسية في سوريا السنة المقبلة؟ ومن ثم الانتخابات الرئاسية الفرنسية بعد سنتين؟ والانتخابات الإيرانية؟ الخ…
وترى القيادة الكتائبية بأنه “إذا كان من خيارات يمكن للمنظومة السياسية في لبنان أن تحاكيها في الانتخابات الأميركية فهي دورية انتقال السلطة، ودور الشعب في انبثاق السلطة، وأهمية المؤسسات الدستورية والقضائية في إدارتها والحكم في شأنها، بدل الرهان على أوهام سرعان ما يتبين سرابها!”.
ويتساءل هؤلاء: بمعزل عن نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة، فهل تتوقع المنظومة السياسية في لبنان أن تشجع أية إدارة أميركية على الفساد وسرقة المال العام في لبنان؟ أو أن يساعد الرئيس الأميركي، أياً تكن هويته أو سياسته أو انتماؤه الحزبي، المنظومة الحاكمة في لبنان على خرق القوانين الدولية ويشجعها على المضي في سياسة التسلط ونشر الفوضى في لبنان والمنطقة؟ وهل يمكن لأي رئيس أميركي أن يقبل بخروج لبنان عن الشرعية الدولية واصطفافه في خانة الدول المارقة التي تهدد الاستقرار الإقليمي والدولي أو أن يغطي السياسات القائمة على حماية المجرمين والسارقين ومبيضي الأموال؟ وهل ينتظرون من أية إدارة أميركية أن تفتح خزائنها، أو أن تعبد طريق لبنان الى صندوق النقد الدولي والمؤسسات المانحة الدولية في ظل استمرار الصفقات والتسويات على حساب خزينة الدولة وحقوق الشعب اللبناني؟ وهل يمكن لأي رئيس أميركي ألا يتسمك بأهمية ترسيم الحدود وترسيخ الشرعية وبسط لبنان سيادته على أراضيه بقواه الذاتية؟ وهل تعتقد المنظومة السياسية بأن أي رئيس أميركي سينصح أو يشجع لبنان على عدم تطبيق القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي؟
من هنا ترى القيادة الكتائبية أن “المهم بالنسبة الى اللبنانيين ليس هوية الرئيس الأميركي خلال السنوات الأربع المقبلة، وإنما جدية المؤسسات الدستورية اللبنانية في رسم سياسات داخلية وخارجية تعيد لبنان الى الخريطة الدولية كدولة تحترم نفسها وشعبها وعلاقاتها مع الدول، وتحاكي مصالح اللبنانيين وحقهم في العيش الكريم والسلام والاستقرار والحرية وتقرير المصير واختيار من يمثلهم”.

وتخلص الى التأكيد بأن المطلوب في هذه المرحلة تصور لبناني واضح وعقلاني لمشروع إنقاذي، لا رهانات واهية على توظيف الاستحقاقات الدولية في خدمة تقوية نفوذ فريق من اللبنانيين على حساب فريق آخر.