أقرّ مجلس النواب في جلسته التشريعية الأخيرة القانون رقم 193، وهو القانون المعروف بـ “الدولار الطالبي”. هذا القانون، وفق عنوانه، موجّه لمن هم في مرحلة التعليم الجامعي، ولكنّه، على عكس عنوانه لا يشمل جميع الطلّاب الجامعيين بل فقط الذين يتابعون تحصيلهم العلمي الجامعي في الخارج، وتحديداً المسجلين في الجامعات أو المعاهد التقنيّة العليا خارج لبنان قبل العام 2020-2021.
يسمح هذا القانون لهؤلاء الطلّاب أو لذويهم، ويفرض على المصارف إجراء تحويل مالي لا تتجاوز قيمته عشرة الاف دولار أميركي، ولمرة واحدة لكلّ طالب مشمول بأحكامه، من حساباتهم بالعملة الأجنبية أو من حساباتهم بالعملة الوطنية وفق سعر الصرف الرسمي للدولار 1515 ل.ل.، بعد التأكد من حق المستفيد لجهة (1) إفادة تسجيل حالية من الجامعة أو من المعهد الفني، (2) إفادة بالمدفوعات الجامعية أو المعاهد التقنية قبل تاريخ 31-12-2020، (3) عقد إيجار السكن الحالي أو إيصال أخر دفعة شهرية.
إن الحاجة لهكذا تشريع أتت بدايةً من الإقفال الحاصل من قبل المصارف اللبنانية على حسابات المودعين وحدّها من حق المودع وحريته في التصرف بأمواله المودعة من غير حق أو أساس قانوني، فيأتي وبقوة النص القانوني ليلزم المصارف بتحريك هذه الحسابات حتى ولو لغاية محددة وحتى ولو لقيمة محددة، فيشكّل متنفساً ولو بسيطاً لهؤلاء الطلّاب ولذويهم، لينطبق عليه القول المعروف “بحصة بتسند خابية”.
وثانياً، أتت الحاجة من الحق الذي يعطيه هذا القانون لمن ليس لديهم حسابات مصرفية بالحصول على الدولار الأميركي بسعر الصرف الرسمي أي 1515. ورغم هاتين الإيجابيتين، يأتي هذا القانون في غير محله القانوني، للأسباب الآتية:
أولاً، لأن الإقفال الذي تمارسه المصارف على حسابات المودعين لا يستند إلى أي نص قانوني أو له قوة القانون لكي تبرز الحاجة إلى تشريع في هذا الإطار.
وقد برزت في هذا الإطار بعض القرارات الصادرة عن القضاء اللبناني التي فرضت على المصارف تسليم المودعين أموالهم.
ثانياً، لأنه يفرق بين اللبنانيين بصفتهم “مودعين” فيمنح لبنانيّاً هذا الحقّ ويحجبه عن لبناني آخر.
ثالثاً، لأنه يفرق أيضاً بين اللبنانيين الذين هم من فئة واحدة وهي فئة “الطلّاب”، فيمنح هذا الحق للطالب اللبناني في الخارج ويحجبه عن الطالب اللبناني في الداخل الذي لا يستطيع ذووه لا تحريك حساباتهم ولا الحصول على هذا المبلغ ولا حتى الحصول عليه بسعر الصرف الرسمي أي 1515.
رابعاً، لأنه يفرق أيضاً بين الطلّاب اللبنانيين في الخارج، فيمنح هذا الحق لمن هو مسجل في الخارج قبل العام 2020-2021، ويحجبه عمّن يرغب في متابعة تحصيله الجامعي في الخارج بدءاً من العام 2020-2021، في وقت لا يظهر أي مؤشر إلى تحسنّ الأحوال في القريب.
من الجيّد أن يكون المجلس النيابي قد تنبّه إلى معاناة الشعب اللبناني، غير أنّ سعيه لرفع هذه المعاناة أتى ناقصاً. لربما كان من الأجدى السعي لدى المعنيين إلى رفع معاناة الشعب اللبناني كلّه أو أقله، وفي حال الإصرار على التشريع، التشريع بشكلٍ عام وغير إستثنائي عن طريق إفادة جميع الطلّاب من “الدولار الطالبي”.