جهودُ الرئيس دياب لحلّ الأزمات بالرغم من تصريف الأعمال

“ليبانون ديبايت” – رانيا حتي
ثلاثون سنة من الفساد المستشري في مؤسسات الدولة فضلاً عن الزبائنية والمحاصصات الطائفية والمذهبية، أدت تداعياتها إلى انتفاضة المواطنين اللبنانيين في 17 تشرين الأول 2019.
ومن الواضح بأن تلك السنوات من الهدر والسرقة أوصلت البلد إلى الوضع المذري، والجدير بالذكر، بأن مسببي تلك المآسي يُحمّلون نتائج فسادهم الى حكومة الرئيس حسان دياب فيما يحصل من خراب. بينما يحاول رئيس حكومة تصريف الأعمال قدر الإمكان، العمل على محاربة الفساد بشتّى الأنواع والأشكال، بدءاً من الخطة الإقتصادية وإصلاحاتها البنيوية الى تعيينات حاكمية مصرف لبنان وصولاً إلى التدقيق المالي الجنائي . إلاً أن المنظومة العميقة كانت دوماً بالمرصاد، لكن دياب بالرغم من تحديّات مرحلة الستة أشهر السابقة حتى استقالة حكومته لا يزال صامداً ومجابهاً بعناد الحق ودون كلل.
وعلى مقربة أسبوع من تكليف رئيس للحكومة وذلك بعد تفشيل المبادرة الفرنسية، أطلّ رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بشخصيته الملتزمة و الوطنية، وبخطاب حازم وجريء لتحذير من يسوّق لفكرة رفع الدعم عن الدواء والطحين والمواد الغذائية والمحروقات. فيما يتداول البعض الحديث عن “رفع الدعم” بحجّة التهريب عبر المعابر السورية، لا شك بأن الهدف من ذلك، اختلاق فوضى عارمة في الشارع تنفيذاً لأجندات خارجية، ما يُعتبر جريمة بحق الشعب اللبناني.
يتلاقى في سياق عدم رفع الدعم عن المواد الأساسية، الخبير الإقتصادي وزير المال السابق جورج قرم على المستوى المالي مع وجهة نظر الرئيس دياب، طارحاً الأخير السؤال: “هل يحق لمصرف لبنان الإستفراد بمثل هكذا قرار، مشدداً بأنه إذا لم يحصل تغيير في حاكمية ​المصرف المركزي​، سنصل إلى مراحل أشدّ صعوبة من التي نعيشها اليوم”.
أما فيما يخص بعض المزايدين لعدم دفع اليوروبوندز، يصارح الرئيس دياب اللبنانيين بأن ما قام به كان قراراً تاريخياً بوقف سداد الدين، مضيفاً بأنه “لو دفعنا سندات اليوروبوند هذه السنة، والبالغة ما يقارب من 5 مليار دولار، لكان انخفض الاحتياطي من 22.5 مليار دولار الى 17.5 مليار دولار، ولكان المعيار الذي يتحدث عنه مصرف لبنان اليوم لرفع الدعم عن الأدوية والمواد الغذائية والطحين والمحروقات، قد تم تطبيقه منذ شهر آذار الماضي”.
إذاً، شمل خطاب الرئيس دياب كل تحديات هذه المرحلة الدقيقة والصعبة على المواطنين، داعياً إلى إعادة ضخ الحياة في المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي تركز على الإصلاحات التي تتطابق إلى حد بعيد مع برنامج الإصلاحات الذي وضعته حكومتنا منذ تشكيلها.
وتجدر الإشارة، بأن خطة التعافي الإقتصادية التي تبنتها وثيقة بروكسيل لإنقاذ لبنان لا تزال سارية والتي تؤكّد على ضرورة تنفيذ الخطة لأنها أكثر منطقية من خطة جمعية المصارف، لا كما اوردها إبراهيم كنعان في لجنة التحقيق المالية ومغالطاته في الأرقام . بالمقابل، فنّدت المفوضية الاوروبية بأن الإصلاحات الماليّة والاقتصاديّة لورقة دياب تشكّل مرتكزا إيجابيا للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي خصوصا لجهة ضرورة إدارة الشق المالي لرؤوس الأموال بما يتناسب مع مصلحة الشعب وصغار المودعين.
الرئيس دياب الذي لم يأل جهداً بحكومة تصريف الأعمال في السعي لحلّ الأزمات دون تقاعس، متحملاً كافة مسؤولياته الوطنية دون غاية أو هدف، سيبقى علامة فارقة ومميّزة في تاريخ الوطن. فعلّ الرئيس الجديد سيخطو خطاه كنموذج رائد في إدارة مؤسسات الدولة ليس لناحية النشاط فحسب إنما بنظافة كفّه ورصانته.