الراعي في عين العاصفة والمواجهة

شادي هيلانة

تساءل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي: بأي صفة تطالب طائفةٌ بوزارةٍ معنية كأنها ملك لها، وتُعطِّل تأليف الحكومة، حتى الحصول على مبتغاها، وهي بذلك تتسبب بشللٍ سياسي، وأضرارٍ اقتصادية ومالية ومعيشية؟ أين أضحى اتفاق القوى السياسية المثلّث من أجل الإصلاح: حكومة إنقاذ مُصغرة، وزراء اختصاصيون مستقلون ذو خبرة سياسية، اين المداورة في الحقائب؟.

إذا عدنا إلى المادة 95 من الدستور الذي عدَله اتّفاق الطائف، نقرأ صريحاً في الفقرة باء: تكون وظائف الفئة الأولى ومن بينها الوزارات مناصفةً بين المسيحيّين والمسلمين دون تخصيص اية منها لأية طائفة مع التقيُّد بمبدأي الاختصاص والكفاءة.

من الضروري السؤال عن الأسباب والجهات التي تدفع بعض الأشخاص إلى الهجوم على البطريرك الراعي، بعد ان وصلنا اليوم الى منهج إرهابي فكري لمنع المواطنين من التعبير عن مواقفهم، لنعتبر أن البطريرك الراعي مجرد مواطن فقط، ويبقى السؤال هل له الحق في إعطاء رأيه؟إنّ التهجّم على غبطته، جاء نتيجة مواقفه الوطنية الصلبة، لأنه خائف على لبنان، وعلى مستقبل اللبنانيين، كل اللبنانيين بكل فئاتهم ومذاهبهم وانتماءاتهم.

الى الهجوميين المبرمجين، اليسوا من تدافعون عنهم هم من أفقروكم على مدى السنين وانتم في الأصل لستم فقراء، جوعوكن ، اذلوكم وانتم في الأصل اصحاب كرامة، نزلتم إلى الشارع وانتم لم تكونوا يوماً أولاد الشوارع، حجزت أموالكم وانتم ضحيتم لادّخارها، وعدوكم بالاصلاح فتفاقم الفساد، وعمّ الهدر، وعادت المحاصصة من بابها العريض من دون حياء.

أهذا هو إنجاز المسؤولين السياسيين الذين تعاقبوا على السلطة وقد جعلوا الشعب اللبناني متسولاً بقاءً ووجوداً، وهو الذي تلألأ كالمنارة في كل بلد شرقاً وغرباً مُحققاً النجاح والابداع في مختلف الحقول؟إن مشهد لبنان اليوم هو مشهد انقسام مريع.

هناك شطران كبيران يقسمان الشعب اللبناني إلى قسمين يكادان لا يتخاطبان إلاّ بالقساوة والتشكيك المتبادل، إن لم نقل بالتخوين.

إنه مشهد حزين نضيّع من خلاله الميثاق الوطني واتفاق الطائف وكأن شيئًا من هذا لم يكن. ما العمل ؟ هل نبقى على هذا الانقسام الذي يهدّد حياة الوطن بتهديده الوحدة الوطنيّة بالذات؟

وإذا كانت القوانين والأنظمة لا تعمل، ونحن لا نعود إليها لنتقدم في تسيير شؤون الوطن، أفلا يجدر بنا أن نلتقي ونتصارح لتجديد العقد الذي يرسي وطننا على وحدته ونسير في مواجهة مستقبلنا سيراً مسؤولاً؟ وهل نقبل بشلّ البلاد على هذه الصورة وألاّ نتخاطب ابداً بالشركة والمحبة ليبقى لبنان.

لن يقبل البطريرك وهو المؤتمن تاريخياً على الوحدة الوطنية وعلى عيش الشراكة الاسلامية المسيحية في لبنان، في أن يتقسم لبنان ولا أن يشل لبنان وتضيع منه الحياة.

اخيراً وفي السياسة، هل سيُتاح لرئيس الحكومة المكلف تأليف حكومة “الإنقاذ “؟، أم ستوضع فى طريقه أشواك أخرى ربما يعجز أديب عن السير فوقها أو إزالتها وبالتالي تذهب آمال اللبنانيين ومعهم قصر الإليزيه فى نجاح مبادرة الفرصة الأخيرة لتجنيب الشعب المغلوب على أمره تداعيات غضب أوروبي أميركي محتمل أن ينفجر جراء التعنت السياسي الشيعي؟

شادي هيلانة