سأبدأُ مقالتي بتعريفٍ للسِّياسةِ وللدبلوماسيَّةِ.تُعرّفُ السِّياسةُ لغةً بأنّها عبارةٌ عن معالجةِ الأمورِ، وهيَ مأخوذةٌ مِن الفِعلِ ساسَ ويَسوسُ، وهيَ على مصدرِ فِعالة، أمّا اصطِلاحاً فتُعرَّفُ بأنّها رعايةُ كافَّةِ شؤونِ الدَّولةِ الداخليَّةِ، وكافَّةِ شؤونِها الخارجيَّةِ، وقيلَ أيضاً بأنّها تقومُ على توزيعِ النّفوذِ والقُوَّةِ ضمن حدودِ مُجتمعٍ ما.
وكذلك عُرِّفَت بأنّها فنٌّ يَقومُ على دراسةِ الواقعِ السّياسي وتغييرِه موضوعيّاً.
أمّا الدبلوماسيَّةُ فهيَ أداةٌ رئيسيَّةٌ تستخدمُها الدَّولةُ لتحقيقِ أهدافِ السِّياسةِ الخارجيَّةِ والتأثيرِ على الدُّوَلِ والجماعاتِ الخارجيَّةِ بِهَدفِ استمالتِها وكسبِ تأييدِها، ومنهم من عرَّفَها بعِلمِ وفنِّ المفاوَضات.
إذا أردنا إسقاطَ هذان التّعريفان على أمريكا فإنّها أبعدُ ما تكونُ عنهما فالسّياسةُ الأمريكيَّةُ ومنذُ نشأتِها تقومُ على استعبادِ واحتقارِ باقي دُوَلِ العالمِ وتقومُ على العنصريَّةِ والإحتلالِ والقتلِ والتجويعِ والهدفُ هوَ سرقةُ خَيراتِ تلكَ الدُّوَلِ وإخضاعُها لهَيمنتِها فأمريكا لَيسَ لديها أصدقاءٌ بل تابِعون لها.
ومَع هذا الشَّرحِ المُسهَبِ للسّياسةِ الأمريكيّةِ، فإنّها اليَوم، وفي ولايةِ الرّئيسِ دونالد ترامب تحديداً تَمُرُّ في أسوأِ حالاتِها مُقارنةً مع سياساتِ أسلافِه مِن الرؤساءِ السابقين.
فأمريكا الّتي كانت تُعتَبرُ القُطبُ الأوحَدُ، تعاني اليَومَ مِن فُقدانِها لهَيمنتِها وسَيطرتِها على العالمِ، وما نشهَدُه مِن ازديادِ الدُّوَلِ الرّافضَةِ لسياساتِها هوَ أكبرُ دليلٍ على وَهنِ الإدارةِ الأمريكيّةِ في دبلوماسيَّتِها.
وما تفتخرُ به أنّها أنجزَت إتّفاقيّاتِ سلامٍ بَين بعضِ الدُّوَلِ العربيّةِ والكيانِ الغاصبِ هوَ سرابٌ ووَهمٌ لأنّ هذه الدُّوَلَ بالأصلِ تابعةٌ لها ومرهونةٌ لإرادتِها.
ترامب الّذي يتعاملُ مع كُلِّ مَن يعارضُ سياستَه بفرضِ العقوباتِ الإقتصاديَّةِ والماليَّةِ هوَ دليلٌ إضافي على عجزِه في استمالةِ تلك الدُّوَلِ لفلَكِهِ، وما يَحصلُ في العراقِ وفي أفغانستان مِن حركاتٍ مناوئةٍ لوجودِه وقرارُه الواضحُ في سحبِ جنودِه مِن تلك الدُّوَلِ هوَ نتيجةٌ لسياستِه الخاطئةِ والفاشلةِ.
وبالعَودَةِ إلى لبنان، المحاصرُ إقتصاديّاً وماليّاً مِن قبلِ إدارةِ ترامب فقد وصلَ حدُّ عجزِها إلى فرضِ عقوباتٍ على بعضِ السياسيّين اللّبنانيّين مِن بابِ دعمِهم لحزبِ الله، لأنّ أذنابَها فشلوا في تحقيقِ ما تصبو إلَيه ولأنّ مشروعَها في حصارِ المُقاومَةِ قَد فشِلَ في تحقيقِ أهدافِه.
وأقولُ لمَن ينصاعُ في لبنان للإدارةِ الأمريكيَّةِ، ستفشلون في تحقيقِ مصالحِها وستلحقُكم العقوباتُ الأمريكيَّةُ عقاباً على فشلِكم وستَستَبدِلُكم بآخرين فما أنتم إلّا كالدُّمى في يَدَيها والسلام.
*✍ الأستاذ أحمد حَيدر* *ميدان برس*