سأبدأ مقالتي مِن وَجعِ طالبٍ يدرُسُ في الخارجِ حينما قالَ لي:*”أزمةُ الدّولارِ مبتدأٌ ومأساةُ الطلّابِ في الخارجِ مُجرَّدُ خبرٍ، ففي بلدي أصبحَ حُلمُ التعلُّمِ فِعلاً ماضياً، و البطالةُ مُستقبلاً، والجهلُ مضارعاً.
حكّامُ بلادي فاعلٌ، والطلّابُ مفعولٌ بهم، والمحاصصةُ مفعولٌ لأجلِه، والفاسدُ صِفةٌ، وودائعُ أهاليهِم ممنوعةٌ مِن الصَّرف، وضميرُ حاكمِ مَصرفِ لبنان ضميرٌ غائبٌ، و تعاميمُه أداةُ نَصبٍ، و الصرّافين حَرفُ جرِّ، و كرامتُنا كطلّابٍ إسمٌ مجرورٌ.”
*إنّها أزمةُ الدّولارِ الّتي أفقرَت لبنان بسبَبِ سياساتِ حاكمِ مصرفِ لبنان الّذي كان يُتحِفُنا دَوماً بمقولتِه المشهورَة *”اللّيرةُ بألفِ خَيرٍ”* وبسبَبِ فسادِ السّياسيّين الّذين نهبوا خَيراتَ الوَطنِ فهَرّبوا أموالَهُم بمئاتِ ملياراتِ الدولاراتِ إلى الخارجِ بتَوقيعِ وعِلمِ حاكمِ المصرِفِ.
أزمةُ الدّولارِ المُفتعلةُ والّتي تندرجُ تحتَ عنوانِ الحصار الإقتصادي على لبنان ألقَت بظلالِها على جميعِ الصُّعدِ إقتصاديّاً وإجتماعيّاً وصحيّاً، وعَرّت البلدَ أمامَ الخارجِ وأودَت إلى ما وصلنا إلَيه، وآخرُ تداعياتِها الآن هوَ مصيرُ عشراتِ آلافِ الطلّابِ الّذين يدرسون في الخارجِ حَيثُ أنّ مصيرَهم ومُستقبلَهم مُهدَّدان بالدمارِ إن لم يتم استدراك المُشكلةِ بأسرعِ وَقتٍ مُمكنٍ.
هؤلاءُ الطُلّاب الّذين هم رصيدُ الوطَنِ بعدَ تَخَرُّجِهم أصبحوا بلا رصيدٍ ومصيرُهم مُهدَّدٌ بِفعلِ مَن أوصلَهم إلى ما وصلوا إلَيه وهُم في نفقٍ مُظلمٍ لا يعرفون الخروجَ منه.
لقد تقدّمَ النائبُ إيهاب حمادة بمشروعٍ مُعجَّلٍ إلى مجلسِ النُّوابِ يقضي بالسماحِ لأولياءِ الطلّابِ بتحويلِ الأموالِ إلى أولادِهم عبر السِّعرِ الرّسمي للدولار في المصارفِ والّذي ينتظرُ الجميعُ إقرارَه في أوَّلِ جلسةٍ تشريعيّةٍ والّتي يَأملُ الجميعَ أن تُبصرَ النّورُ ولكن…!
قابلَ هذه المشكلةُ التعميمَ الأخيرَ لحاكمِ مصرفِ لبنان إلى المصارفِ بالسماحِ لِمَن يملِكُ مِن أولياءِ الأمورِ حساباً بالدّولارِ أن يُحَوِّلَ إلى أولادِه مبلغاً لا يتعدّى 10000$ وهوَ بماهيَّتِه قرارٌ غَيرُ مُلزمٍ للمصارفِ وهذا فيه إجحافٌ وظلمٌ لسبَبَينِ رئيسيَّين:
أوّلاً:
إنّ الكثيرَ مِن الطُلّابِ يحتاجون سنويّاً إلى ما يزيدُ عن المبلغِ المذكورِ في التعميمِ فهنالك قسطٌ جامعيٌّ وبدلُ سكنٍ ومصروفٌ شهريٌّ يختلفُون مِن دَولةٍ إلى دَولةٍ.
ثانياً:
إنّ الكثيرَ مِن أولياءِ الأمورِ حساباتُهم في البنوكِ هيَ بالعُملةِ الوطنيّةِ وهذا التعميمُ لا يَشمُلُهم والمصارفُ ترفضُ أن تُحوِّلَ الأهالي إلى أولادِهم حسبَ السِّعرِ الرّسمي للدّولار.
إذن نحنُ أمامَ كارثةٍ وأزمةٍ سَوفَ تقضي على مصيرِ آلافِ الطُلّابِ الّذين يدرسون خارجَ الوطنِ ولا حياةَ لِمن تنادي.
فالزُّعماءُ السياسيّون وأصحابُ رؤوسِ الأموالِ لا مشكلةً عندَهم وآخرُ همِّهم مصيرُ الطلّابِ الباقين
لذا أناشدُ -بإسمِ أولياءِ الطُلّابِ الّذين يكدَحون مِن أجلِ تعليمِ أولادِهم في الخارجِ- فخامةَ رئيسِ الجمهوريّةِ الّذي هوَ أملُ لبنان ودَولةَ رئيسِ حكومةِ تصريفِ الأعمالِ الدكتور حسّان دياب الّذي يشهدُ له الجميعُ بالنزاهةِ ومعالي وزيرِ التربيَةِ الدكتور طارق المجذوب أن يجدوا حلّاً سريعاً لهذه المُشكلةِ المصيريّةِ لأنّ العامَ الدّراسيِّ في الخارجِ على الأبوابِ والآمالُ مُعلّقةٌ علَيهم وإلّا فعلى مُستقبلِ الطلّابِ السلام.
*✍ الأستاذ أحمد حَيدر* ميدان برس