في دولة كلبنان كثير ما نسمع بعبارة:<<الله لا يوفقهم سرقونا>> من القاصي و الدّاني، الكبير و الصّغير،العاقل و الجاهل، المعلّم و الأب و الأم و الطّفل …
جميعنا في الحقيقة نُهبنا منذ اكثر من ثلاثين سنة و لكن لا نعلم مِمّن . لا نعلم من هو السّارق و أين يخفي بصماته إلّا أنّ الحقيقة أمامنا و نحن من نتقصّد جهلها بقصد ”المنفعة” من أصغر موظّف تابع للقطاع العام أو الخاص حتّى أكبرهم .
أذكر أنّ موظّفًا في دائرة النّفوس قصدناه بغية إصدار إخراج قيد حينها إلّا أنّ أحد المنتظرين قال : <حطيلو خمسة آلاف و بمشّيكِ عالسّريع ليكِ العمّ إلو ساعة ناطر> .
دخلت مكتبه و جلست حوالي ثلاثة أرباع السّاعة تقريبًا و ذلك بالرّغم من أنّ كلّ المستندات و الأوراق المطلوبة متوفّرة. مثل المطبعة كان يأخذ المال يضعه بجيبه يوقّع المطلوب يختمه ثمّ يضعه جانبًا .
غريبٌ جدًّا، و ما تحمّل لساني غرابته فنطقت حينها : شو خيي لازم حطلك ٥ الاف تتمشيني ؟
ليباشر بالاعتذار و القول : بأمرك دوموازيل ما تواخذينا تأخرنا عليكِ بس بتعرفي ضغط الشغل.
ممثّل نابغ فلو أنّ ثلاثة غيري ما دخلوا و أجروا معاملاتهم بدقائق لصدّقته صراحة، و بصراحة أكبر عند انتهاء كلّ معاملة كنت أشتم *الدولة* كثيرًا إلى أن تذكرت مقطعًا من درس دستوريّ قال فيه أستاذ الجامعة أنّ الدّولة عبارة عن سلطة و إقليم و شعب .
و في مقطع آخر قال أنّ في لبنان الشّعب هو أساس كلّ السّلطات . طوال الطّريق و أنا أفكّر بفسادنا نحن كشعب ، نحن الّذين نُرشي و نرتشي، نحن الذين نبيع أصواتنا بمئة ألف أو دولار ، نحن الّذين نختار نفس الطبقة العليا الّتي نهبتنا مرّة و تنهبنا و تعلّمنا الجهل و الفساد و رمي المصلحة العامة مع النّفايات على الأرض، نختار السلطة الّتي تمثلنا تلك المعنية بالمراقبة بالتّشكيلات القضائية و الإدارية من رأسها إلى قدميها و من ثمّ نشتكي منها.نحن الّذين اخترنا الكبير ليضع الصّغير، كبيرنا رجل دين يعظّم رجلًا سياسيًّا و يقنعنا فيه متلاعبًا بالوتر الطائفي و المذهبيّ .
كبيرنا الّذي يأخذ من فمنا الطعام كي يشتري من الذّهب الكثير، كي يعيش برفاه مع عائلته بينما أنّنا نخسر كلّ يوم فردًا من عائلات الوطن ميّتًا من جوعه أو منتحرًا من بؤسه .من نحن ؟نحن المجرمون المسؤولون، المستحقّون لكلّ ما يجرى بنا ..
نحن بصمات الفاسدين المخبّأة بالعصب اللّاواعي و الطائفي.نحن البصمات الفاسدة ، هم الفساد المأجور و الأسف على ما تبقّى في عذا الوطن و هو : أسفه …
باتريسيا ديب موقع ميدان برس