الله ليس عنصريّا.

باتريسيا ديب ميدان برس

لا أعلم كيف نتجرّأ ، نحن “البشر” على اتّهام الله بالعنصريّة .
في الأمس قصدت الدكان المقابل لمنزلي الأغراض . كان كعادته يضج بالزبائن كلٌّ منهم يتأفّف من غلاء الأسعار ، يشتمون طرفاً يقذفون عليه بالمسؤولية وينصفون آخر بتحليلات سياسية اقتصادية لا تسمن ولا تغني عن جوع.
على الرغم من شعوري بالاحباط من جرّاء الوضع المزري إلا أنني حاولت تناسي الأمر وأن لا اعطي أذني لهم، لكن لفتني موقف
ربما يبرر حجم الشر في قلوبنا ويبرر كم نحن نستحق ما يحصل لنا بعيدا عن السياسة والمال
الإنسانية التي فقدناها، حتى صرنا عبارة عن روبوتات نمشي دون ادنى حس ببعضنا..

اقترب أحد الزّبائن على واحدة من السّلع ولم تكن مسعرّة ، فنادى عاملاً من ذوي البشرة السوداء ليسأله عن السّعر فردّ قائلًا بلهجته المكسّرة:
(سوري ميستر بايعينو)
لينزل غضب الله عليه وتنهال عليه شتائم الزبون .
أذكر أنّ أصغر كلمة كانت : (انقلع ولا حيوان)!
أعتذر و لكن ، كيف لنا نحن كمستمعين أو قارئين أن نقبل هذا على أنفسنا ، لنقبله على الآخرين أي كان شكلهم وقدرهم
رغم وجود الكاميرات و علم الإدارة وازدحام المتجر إلا أنه اكتفى الجميع بالصمت .
طأطأ ذلك “العبد” (على حدّ قول الزّبون) رأسه وأكمل عمله بصمت . حاولت أن اكون كالكل شاهدة لكني لم استطع حين سألني الزبون
-انتِ بتشتغلي هون ؟
لأردّ : لا زبونة متلي متلي متلك بس مش ببشاعتك (بصوت منخفض)
-شفتِ (هالحيوان) ؟ العمى شو بلا اخلاق ، صحيح لو الله ما غضب عليهم ما خلقهم سود!
لحظتها شعرت أنّ الحياة عبارة عن شخصين:
واحد يحبّ الله ، وواحد يخترع كلّ يومٍ إلهاً له ،
-<<منذ متى نعطي لنفسنا الحقّ بأن نلوّن الله بحبرنا و كأنّه شخصيّة كرتونيّة ؟ منذ متى و نحن نفتكر بالله عبدًا او ربًّا للون أو لنوع من البشر؟ منذ متى و نحن نحسّ بالله ملكًا للأبيض دون الأسود؟ ذلك {الله} الّذي خلق اللّيل و النهار ليكمل يومنا هو نفسه الّذي خلق الأبيض ليكمل الأسود و الحياة بأكملها .. نحن مسيّرون بألواننا مذ نُلد إلّا أنّنا مخيّرون في داخلنا ، في تفكيرنا ، ضميرنا و إلهنا>>
أنهيتُ ما قلت و خرجت
اعلم بأني لا استطيع تغيير العالم وكنس القبح من قلوب الناس . إلا أنني خرجت وأعلم بأني لم أكون شيطان أخرس
شاهد لا يعرف عن الله سوى اسمه.

باتريسيا ديب ميدان برس