كتب فراس الشوفي في “الأخبار”: ترتبط حلول أزمة النفايات بأزمة القطاع الزراعي ارتباطاً وثيقاً. النفايات العضوية التي تشكّل أغلبية «بقايا» اللبنانيين، تعوّض العجز الحاصل في استيراد الأسمدة الزراعية وتخلّص غذاء اللبنانيين من السموم وتساعد على إعادة الحياة إلى الجرود. لكن بدلَ ذلك، يتكلّف اللبنانيون على طمر نفاياتهم
لم يكشف الانهيار الاقتصادي أو أزمة الدولار أو حتى تطوّرات أزمة كورونا جديداً، حين تعرّى النظالغذائي اللبناني، زراعياً وصناعياً، ووقف اللبنانيون على أبواب الجوع. فالبلد الذي يستورد 92% من طعامه وشرابه، معدوم السيادة الغذائية. وهو، تالياً، مسلوب الإرادة الوطنية أمام أيّ حصار أو اهتزاز، مهما راكم من أسلحة، ومهما قدّم من تضحيات.
تلك السياسة، إماتة الزراعة تحديداً، ليست بريئة، أو نتاج سياق طبيعيّ. إنّما عقليّة طوّرها أمراء الطوائف ورؤساؤهم الدوليون (على تبدّلهم في كلّ مرحلة)، لتحويل لبنان إلى بلد استهلاكي، فتسهل إدارته مللاً وجماعات مرتبطة باقتصاد وهمي. وتظهر الجريمة أعظم، حين تتكامل مظاهر الانهيار، البيئية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والطائفية، في أزمة النفايات التي تكبر بآلاف الأطنان يومياً. ومع كلّ طن، تزداد عصبيّات الطوائف وطروحات الفيدرالية.
