الاعلامية غنى شريف
إيران، رغم موقفها المعلن المعادي لإسرائيل ودعمها المستمر للقضية الفلسطينية، قد تجد نفسها في وضع معقد عندما يتعلق الأمر بالصراعات الكبرى مثل تلك التي تحدث في غزة.
هناك عدة عوامل قد تفسر لماذا قد لا تتحرك إيران بشكل مباشر في التصدي للمجازر في غزة والى متى
ستبقي ايران على ضبط النفس في ظل الصراعات الكبرى مثل احداث غزة ؟
رغم تصريحاتها الداعمة للقضية الفلسطينية: هناك عوامل عدة تجعل عدم تدخلها المباشر في التصدي للمجازر منها :
١- استراتيجية الردع وحروب المساندة:
إيران تعتمد على استراتيجية المساندة في دعم الفلسطينيين والفصائل المقاومة في غزة. و هذا لا يعني انها حربها فالأرض فلسطينية و الشعب الفلسطيني من حقه مقاومة الاحتلال لذلك ، بدلاً من التدخل العسكري المباشر، فهي تقدم الدعم المالي، العسكري، والتقني لحركات مثل “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، مما يساعد هذه الفصائل على مقاومة إسرائيل من خلال وسائل غير مباشرة.
دعم إيران للحركات المقاومة في غزة يعتبر جزءًا من استراتيجيتها الإقليمية للضغط على إسرائيل، ولكن تدخلها بشكل مباشر قد يجرها إلى صراع مفتوح.
٢-الضغوط الداخلية والإقليمية:
إيران قد تكون مقيدة بمشاكل داخلية كبيرة، بما في ذلك العقوبات الاقتصادية، الوضع الاقتصادي المتدهور، والتحديات الاجتماعية والسياسية التي تؤثر على قدرتها على تحريك قواتها في الخارج. علاوة على ذلك، أي تدخل مباشر في غزة قد يؤثر على استقرار المنطقة بأسرها، خاصة في سياق تحالفاتها المعقدة مع دول مثل روسيا والصين وحزب الله في لبنان.
٣- الحسابات العسكرية والسياسية:
إيران تدرك أن التصعيد المباشر مع إسرائيل قد يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة و هي التي دائما تؤكد على استراتيجيتها السلمية و الدبلوماسية بدل التدخل المباشر ، في مواجهات عسكرية مفتوحة مع إسرائيل . فهي قد تفضل الحفاظ على القدرة على الردع دون الدخول في صراع كامل قد يؤدي إلى خسائر فادحة.رغم تأكيدها انها اذا دخلت في حرب فانها قادرة على هزم اعدائها ولكنها تفضل الحل السياسي لانهاء الاحتلال الاسرائيلي لطالما نادت بالسلمية و نبذ العنف و ثقتها كبيرة بالمقاومة الفلسطينية او اللبنانية من اجل تحرير ارضهم و ليست حربا بالوكالة كما يحاول البعض تصوير المشهد ، فالارض المحتلة هي ارض فلسطينية و الشعب الفلسطيني قادر على مقاومة الاحتلال اذا ما تلقى الدعم من اجل ذلك .
٤-التركيز على مصالحها في مناطق أخرى:
إيران لديها مصالح استراتيجية في مناطق أخرى مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن، وهي تستثمر في دعم تلك الجبهات أكثر من التدخل المباشر في غزة. تعتقد إيران أن دعمها للقضية الفلسطينية يمكن أن يتم عبر تعزيز هذه الجبهات وتقديم الدعم لفصائل مقاومة دون الحاجة للتورط في الحرب المباشرة.
٥-الدعم الدبلوماسي والتضامن:
على الرغم من عدم التدخل العسكري المباشر، تقدم إيران الدعم السياسي والدبلوماسي القوي للقضية الفلسطينية، وتنتقد بشدة ممارسات إسرائيل في غزة عبر وسائل الإعلام والمنتديات الدولية مثل الأمم المتحدة.
في الختام:
إيران لا تظل “ساكتة” أو “غير مكترثة” بما يحدث في غزة، لكنها تفضل استخدام أدوات أخرى مثل الدعم المالي والعسكري غير المباشر عبر حلفائها، وهي تتجنب التصعيد العسكري المباشر مع إسرائيل حفاظًا على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة و من اجل ان لا تجر المنطقة الى حرب لا تحمد عقباها فهي ستبقى تحاول عبر كل الوسائل الدبلوماسية الممكنة من اجل تجنيب المنطقة حربا شاملة قد تتطور لتصبح حرب عالمية ثالثة .