يبدو واضحاً بعد شهر ونيّف على إنطلاق عملية “طوفان الأقصى” ان آلة القتل الاسرائيلية ستُمعن في إجرامها، حتى تحقيق طموحاتها في جرّ جميع الأفرقاء المعنيين بهذا الصراع لكي يغرقوا جميعاً في هذه المعمعة الدموية كي تخفّف عن نفسها وطأة المجازر التي ارتكبتها بحق الأطفال والنساء والعجزة، حتى لو أوصلت الأمور الى حرب أقليمية أو عالمية ثالثة.
وإلاّ ما هو المبرر في دعوة وزير التراث بحكومة العدو الإسرائيلي عميحاي إلياهو الى قصف غزة بقنبلة نووية؟
وفي هذا السياق عملت تل أبيب على خطين شبه متوازيين:
الأول باتجاه واشنطن لجرها الى المستنقع الاسرائيلي، فبعد ساعات على صباح السابع من تشرين الأول 2023 وظهور الوهن في جيش الاحتلال عمل اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية على دفع كبار القوم في البيت البيض إلى الاستنفار بكل ما يملكون من عظمة القوة المفرطة.
فسارعوا الى إرسال أحدث حاملات الطائرات والبوارج وصولاً الى إحدى الغواصات النووية الى شرق البحر المتوسط، لإفهام من يعنيهم الأمر أن الكيان الغاصب غير متروك.
وفي نفس الوقت تزويد القدس المحتلة بترسانات القنابل الذكية والثقيلة مضافاً الى ذلك تخصيص الكيان بعشرات المليارات من الدولارات العائدة للشعب الأميركي، ليظهر الكيان اليهودي على أنه الإبن المدلل ليس لأميركا فقط وإنما يحظى بدعم من قبل معظم العواصم الغربية.
الأمر الذي دفع روسيا الى التأكيد أن “الانغلوساكسون” لا يرغبون بإيقاف الحرب حتى تسجيل العدو الاسرائيلي نصراً على الفلسطينيين وتحديداً حركة حماس ومن يفكر بالوقوف الى جانبها!
أما الخط الثاني الذي عمل عليه قادة العدو، وفي طليعتهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي ينتظره القضاء لمحاسبته على كل أخطائه ونكساته، فكان باتجاه حزب الله في لبنان الذي يُصنف بأنه الأخطر من حماس بدرجات، بحيث يجره الى المواجهة الكاملة ويرد عليه بتدمير ما يمكن تدميره في لبنان فيقنع بذلك الرأي العام العالمي أنه مغلوب على أمره على أكثر من جبهة.
ولكن ثَبُت بالوقائع أن أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لم يتصرف يوماً – ومنذ تسلمه مهام الأمانة العامة – بردة فعل أو تحريض أو من زاوية طائفية أو مذهبية بل أنه يزين الأمور بميزان الذهب.
فرغم كل التشويه للمواقف والتحريض الذي مارسه بعض الغاطسين في التماهي مع العدو لحسابات وهمية.
جاء خطابه في نهاية الأسبوع الماضي واقعياً، وكشف حرصاً وطنياً لافتاً، وبمثابة بلسمة لمخاوف اللبنانيين الذين انجروا في همروجة تأليب الرأي العام ضد أداء الحزب.
وفي الوقت نفسه بعث بالرسائل المضمونة لكل من يفكر بسهولة جر لبنان الى حيث لا يريد، وأبقى يده على الزناد إزاء كل من يخطط لتركيع الوطن او إعادته الى مرحلة الخوف من عدو لا يرحم أي من الطوائف أو المذاهب بل يضع الجميع في سلة بعيدة عنه في الترتيب الإنساني.
ومن لم يشأ أن يستوعب من خطاب السيد يوم الجمعة الماضي، عليه ان ينتظر يوم السبت المقبل ليرى المزيد من وضع النقاط على الحروف!
مرسال الترس (موقع 06 نيوز)