اقام “مركز الإمام الخميني الثقافي” في بعلبك احتفالا تكريميا للشيخ المحقق جعفر المهاجر، لمناسبة تسليمه “جائزة الفارابي العالمية” تقديرا لجهوده باحثا في الدراسات الإسلامية والتاريخية، برعاية مسؤول منطقة البقاع في “حزب الله”الدكتور حسين النمر، وحضور النائب ينال صلح، رئيس بلدية بعلبك بالتكليف مصطفى الشل، رئيس أمانة جائزة الفارابي الدكتور عباس خامه يار، المستشار الثقافي للسفارة الإيرانية كميل باقر ممثلا بالدكتور علي قصير، الأب مروان معلوف وفاعليات دينية وثقافية واجتماعية.
عودة
بداية، تحدث الشيخ سهيل عودة ونوه ب”الدور الذي قام به الشيخ المهاجر في مجال البحث والتحقيق والدراسات التاريخية التي أغنت المكتبة الإسلامية”.
النمر
ثم تحدث النمروقال: “عندما تقرأ في كتابات المحقق الشيخ المهاجر، التي تجاوزت الخمسين كتابا، تجدها جامعة للتاريخ والمعرفة، فهو لم يكتب للتاريخ فقط، بل استطاع أن يوظف التاريخ بخدمة المستقبل فكان يدور على الجوانب الإيجابية التي مرت بها الحضارة الإسلامية مركزا على الفهم الحقيقي لبناء الدول والمجتمعات”.
وتابع: “لقد عالج سماحته ظاهرة التشيع على مر التاريخ، حيث سلط الضوء على الإنجازات والظواهر التي تلامس التحضر والحضارة وعلى العلماء الذين غيروا واجهة التاريخ نحو الأفضل. ففي كتابه شيعة لبنان، يبين لنا أن الشيعة لم يكونوا أهل ثورة فحسب، بل كانوا أهل حضارة وعلم، حتى أن علماءهم شهداء، أمثال الشهيد الأول والشهيد الثاني وصولا إلى سيد شهداء المقاومة الإسلامية الشهيد السيد عباس الموسوي. كما يبين لنا الأثر الكبير الذي تركه على هذه المنطقة، انطلاقا من جبل عامل على المنطقة الفارسية، أمثال المحقق الكركي والشيخ البهائي وغيرهم من حجم التبادل الثقافي بين المنطقة العربية والمنطقة الفارسية، وهذا ما تقرأه في آخر كتب الشيخ المحقق العقل الفارسي في الإسلام حيث أن تأثير هذا العقل امتد من صدر الإسلام وصولا إلى يومنا هذا، وعلى الصعد العلمية كافة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حجم التأثير والتبادل الثقافي والعلمي والتداخل بين أبناء هذه المنطقة الفارسية والعربية والتي يجمعها عنوان واحد هو الإسلام”.
مهر
اما الشيخ مهدوي مهر فاعتبر أن “الفكر هو أهم معايير الحياة، والمفكر يغني المجتمع بنتاجه الذي يبقى خالا، وفكره يبقى حيا لا يموت، ومن مزايا الشيخ المحقق التطور الدائم في نتاجه الفكري”.
خامه يار
اما خامه يار فتوجه إلى الشيخ المهاجرقائلا: “كنت وما زلت الباحث والمحقق والصوت الصارخ الذي يحث على التحقيق والتدقيق والبحث والتنقيب في مواضيع كانت وما زالت تشغل العالم الإسلامي والتراث الإسلامي، ولم تشبع من البحث حتى ترتوي وتروي الآخرين”.
وقال:”اختياركم لنيل جائزة الفارابي الدولية كان مهما من 3 نواحٍ: الجهود والمساعي العلمية المكثفه والشاملة والفعالة في مجالات العلوم الاسلامية، الشخصية المتخلقة بأخلاق إلهية وممتلئة بالصدق والعطاء والطيبة، والجهود الفكرية والثقافية للحفاظ على كيان الإنسان والإسلام، وتعزيز جبهة المقاومة ضد الجبهة الصهيونية”.
صلح
من جهته أكد صلح أن “الشيخ المكرم له دور كبير في نشر العدل والإنصاف في مجتمعنا، سليل الأطهار وحامل العبق العاملي المفعم بالطهر والأصالة والنسب العريق، إنه رجل علم ومعرفة، كرس حياته للبحث والاستكشاف دون كلل او ملل، فكان نتاجه العلمي ضخما لدرجة أنه تخطى الثلاثين من الكتب التي حققت ونشرت، يكفينا أنه بحث في الفقه والأعلام والتاريخ وعاشوراء وغيرها، ومتى توقفنا عند أي من هذه الكتب، سنجد ذلك التوقد الفكري الفذ. قادنا هذا الرجل الجليل بتفانيه وعاطفته الكبيرة نحو الاستفادة لما فيه مصلحة الإنسانية”.
وسأل:”أين هم أدعياء السيادة من ما جرى يجري في كفرشوبا وشبعا، المناطق اللبنانية التي يعبث فيها الكيان المحتل، ونسأل أيضا عن مواقفهم السيادية من طريقة التدخل الخارجي في تحديد مواصفات رئيس الجمهورية اللبناني، وكأن المطلوب منا كلبنانيين ان نختار رئيس جمهورية يناسب الخارج بغض النظر عما اذا كان ذلك يناسبنا نحن كلبنانيين. هذا الفريق منذ اللحظة الأولى لشغور موقع رئاسة الجمهورية يرفض ما ننادي به وهو الحوار، وهنا أيضا نستغرب رفضهم لدعوات الحوار الداخلية بينما يقبلون الجلوس على طاولة حوار اذا كانت بدعوة من الفرنسيين أو الخارج”.
ورأى أن “السيادة لا يمكن أن تكون مجتزأة، ولا يمكن أن يكون موقفنا سيادي هنا ولا سيادي هناك، فهذا لا يمكن ان نسميه سيادة، انما مصلحة شخصية، وهنا ندعو الجميع، ان يتركوا المصلحة الشخصية الضيقة، وان ينتقلوا الى المصلحة العامة، التي يحتاجها كل مواطن في هذه الظروف”.
وختم:”هناك فرق بين المساعدة الخارجية التي تصب في مصلحة لبنان وبين الإملاءات الخارجية التي تصب في مصلحة الخارج، نحن نؤيد أي تدخل من الأصدقاء اذا كان هدفة مصلحة لبنان واللبنانيين، ونرفض أي تدخل خارجي من أي جهة إذا كان لا يصب في مصلحة لبنان واللبنانيين، وهذا هو المعنى الحقيق للمواقف السيادية”.
المهاجر
اما المهاجر فقال: “بعد 50 سنة من التنقيب والترتيب والجمع والملاحظة ومراكمة المعلومات والكتابة، أتفاجأ في لحظة بأنني لست وحيدا، بل هناك من يراقب بصمت، وهناك من يكوّن صورة انا لم ألاحظها، الشكر الكبير للأمة العظيمة، للدولة العقائدية الوحيدة في العالم التي استتب فيها الإسلام، أعني الجمهورية الاسلامية الإيرانية التي تتميز برعايتها الخفية للباحثين والكتاب والمفكرين والعلماء، فكنت أكتب الكتاب وبعد طباعته أجده قد ترجم إلى الفارسيه وغيرها”.
وختم شاكرا “لجنة جائزة الفارابي الدولية التي تتبعت مكتبتي ومنحتني جائزتها، وبعلبك الغنية بالعلماء الكبار والرواد العظماء الذين كانت لهم مبادرات لا شبيه لها، أمثال ابن ملي البعلبكي وجواد مرتضى والمقدس الشيخ حبيب آل ابراهيم وسواهم”.
بعد ذلك تم تقديم الجوائز والهدايا التذكارية للشيخ المهاجر.