لضحكة البراءة الخجولة…!!

إنّ الشرائع الإنسانية في مهب الإنحسار..التدني..في مهب التلاشي..
كثيرة هي المقالات التي تحدثنا من خلالها عن الوحشية المستفحلة في المجتمع اللبناني مُسلّطين الضوء على تكاثر النزعة الاجرامية بسبب الأزمة الحاضرة.
إنّ الأزمة لا يمكنها أن تلغي أصالة “آدمي” يحاول جاهدا أن يسير مع هذه البربرية ومع غوغائية الأفكار التي تجلجل بصوتها دون جدوى.
هياكل بشرية؛جثث متحركة؛أحاول أن أجد تسمية من شأنها أن تجرد هذا المخلوق_من حيث التعريف_ من خاصية  الإحساس؛فكيف للقلم أن يسمي هذه الهياكل أو يطلق عليها سمة” إنسان”؛أو ينطلق بتعريفها من مبدأ المشاعر والشعور والحس..؟!
“لين طالب” بكت بصمت،ثم سلّمت الروح لتؤدّي رسالة مفادها أنّ  الأمان هو الرمز المفتقد في أحضان مجتمعنا المصغَّر …فما بالكم بما يحدث خارج الجدران؟؟!
بعد فترة وجيزة،استيقظنا على ضجيج وسائل الإعلام التي نشرت صورة غير نمطية عن وحشية لا مثيل لها حدثت في طرابلس ..
طفلة حديثة الولادة متقوقعة في كيس يجره كلب كأنه فضلة من فضلات طعام،يلهث هذا الكلب بعد جرها لتبدأ بالصراخ والصراخ والصراخ..فكان الكلب هو المنقذ…هو رسالة الله أن الكائن الغريزي أشد رحمة من ذلك الكائن الذي ميّزه الله بخاصية العقل والنطق!!
هي تستطيع أن تعبر بهذه الطريقة!!ولكن في قانون الديمقراطية التعبير بالصراخ لرضيع قمة الإستبداد والعبودية؟!!
حزنت القلوب للمشهد الكارثي،وتمنت أن تكون حادثة نادرة انتهت بإيواء الطفلة إلّا أنّ الطفولة اليوم مهددة أن تعيش شيخوخة العمر وهي في أحضان الأيام الأولى من الدنيا،إذ لم تكن هذه القصة رادعا لأصحاب القلوب السوداء بل كانت مفتاحا للجرأة المبتذلة عند هؤلاء..
فبعد يومين فقط من قصة الكيس والكلب،تصفحنا عبر مواقع التواصل والأخبار وجود طفلين تحت جسر نهر ابراهيم،ونحن في هذا الصدد لا يمكن أن ننكر دور القوى الأمنية والجمعيات المعنية إذ صرح خادم جمعية سعادة السماء الأب مجدي علاوي أنّ الطفلين بخير والقوى الأمنية لعبت دورها في تسهيل ضم الأطفال للجمعية.
على ذوات الأرحام أن تعي أن ما تملك من أحشاء لضم جنين أتى “غلطة “كما يتم الإدعاء أو لعدم امتلاك القدرة على الإنفاق عليه، ألّا ترميه رمية السوء هذه؛فهو في عهدة حبلك السري الذي قطعته وقطعت معه كل أوصال الرحمة والأمومة..
أيتها الوالدة  واعذريني عن عدم النطق بكلمة” أم” فهي مصطلح أسمى وأرفع ،خير الخطائين التوابون؛إن راودتك نفسك عن التخلي فليكن التخلي فيه القليل من الرحمة؛هناك الكثير من جمعيات الإيواء،بيوت الله؛فليكن ..ولكن إياك ورمية الطريق..
نحن لا نشجع فكرة التخلي طبعا بناء على ما ذكر آنفا إنما نحاول أن نستجدي بعضا من الإنسانية النائمة في جوفك..فالتي تراودها فكرة التخلي لا يمكنها أن تكون  صالحة لتربية ابن او ابنة سيكونان من دفعة جيل المستقبل…
لم ترأفوا بأحوالكم ؛ونزواتكم؛وإملاقكم الذي يُسطَّر على عدة مستويات إنسانية مادية اخلاقية؛نتمنى على الأقل أن ترأفوا بأطفال ما من ذنب لها أن تعيش قسوة قلوبكم ورداءة مشاعركم..
صمّاء صماء هي الآذان..
خرساء هي العقول..
وحشي هو  مجتمعي…
صراخك يا طفلي أنين صامت..
يناجي العقل،وسيرورة حب غير متقطعة..
على أمل أن ينعم أطفالنا بالأمان خلف وخارج الجدران…
على أمل ألّا نرى إلا ضحكات اطفالنا الخجولة!!!
رشا حسين ميدان برس