اعتبر وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال الدكتور وليد فياض أنّ “الحياة السياسية والمؤسساتية السليمة هي حق لكل مواطن وثروة لكل الوطن، وما نشهده اليوم في البلاد من انقسام عمودي يجعل الأفق مسدوداً ومن الضروري والواجب وخاصة من القوى الوطنية الرئيسية، بما تملكه من حس وطني وشعور بالمسؤولية التاريخية، الإمساك بزمام الأمور قبل ذهابها إلى الأسوأ، وذلك عبر الحوار والتواصل للخروج بحل مناسب على أساس التضحية المتبادلة من الجميع خدمة لهذا الوطن الجميل الذي يستحق منا دائماً الأفضل”.
جاء ذلك خلال رعايته حفل تدشين بدء تشغيل منظومة مياه مدينة بعلبك من نبعَي عين “دردرة” و “كوكب”، ومشاريع “تأهيل وتطوير ينابيع ومنظومات مائية وبناء خزانات” التي أنشأتها ونفذتها وجهزتها “مؤسسة مياه البقاع” بالشراكة مع “اليونيسف”، وبتمويل من حكومة ألمانيا من خلال “بنك التنمية الالماني” KfW، والتي تشمل أعمال تأهيل وتجهيز 6 ينابيع سطحية، وتأهيل منظومات مائية عبر إنشاء وتجهيز 18 خزاناً بسعات مختلفة تتراوح بين 300 متر مكعب إلى 1500 متر مكعب في 18 بلدة ومدينة ضمن نطاق استثمار مؤسسة مياه البقاع وفي مختلف مناطق محافظتي البقاع وبعلبك الهرمل.
وتحدث ختامًا راعي الحفل الوزير فياض، فقال: “عندما يقف المرء هنا، في حضرة البقاع، يشعر برهبة التاريخ والجغرافيا، سهل البقاع، إهراءات روما، بعلبك حاضرتها الدينية والحضارية، الليطاني رافد تلك الأهراءات، ينابيع اليمونة واللبوة والعين الغزيرة، والعاصي المتفجر شمالاً”.
وأضاف، “يدرك العاقل فوراً ما جنته يد الإنسان عبثاً وتدميراً وتلويثاً للموارد، إذ أن لا نقص في المياه هنا، ولا نقص في المياه في لبنان عامة. فلبنان بلد المياه وهذه النعمة ميزته عن كل دول الجوار، وجعلت من طبيعته ومناخه قبلة للزائرين والسياح”.
وسأل فياض، “لكن هل يكفي التغني بلبنان الأخضر والثلج والماء في وقت نترك هذه الثروة تذهب هدراً الى البحر أو نلوثها سطحاً وجوفاً ونمعن باستخراجها ونفرط بمخزوناتها الإستراتيجية؟”.
وعلّق، “سؤال أفصح من يجيب عنه هي وزارة الطاقة والمياه التي عملت وأنتجت للمرة الأولى خطة إستراتيجية وطنية متكاملة لقطاع المياه، أقرتها الحكومة اللبنانية عام 2012، وشملت كافة القطاعات، من إنتاج وتخزين ونقل وتوزيع وإدارة، وحتى في قطاع الصرف الصحي، وتضمنت إصلاحات قانونية وبنيوية أساسية ليس أقلها قانون المياه الجديد الذي أقر عام 2020”.
ولفت إلى أنّ “شعار هذه الخطة كان: المياه حق لكل مواطن وثروة لكل الوطن، ثروة لكل مقوماته، ثروة للزراعة وللصناعة، ثروة للبيئة وللسياحة ثلجاً وماء، وثروة لتوليد الطاقة. إنها أيضاً حق ويتوجب على الدولة تأمينه لمواطنيها بكلفة مقبولة وبأقل ثمن ممكن، وليس سلعة يحتكرها تجار الماء وإنتهازيي الأزمات ورعاة الفساد”.
واعتبر أنّ “هذا الشعار، إذا تمعنا به، وجدنا أنه ينطبق على كل ما يجب أن توفره الدولة لمواطنيها: أوَ ليست الكهرباء حق لكل مواطن وثروة لكل الوطن؟ أوَ ليس النفط والغاز حق لكل مواطن وثروة لكل الوطن؟ أوَ ليست الإتصالات والطبابة والتعليم والأمن والبيئة النظيفة وحرية الرأي حق لكل مواطن وثروة لكل الوطن؟”.
وأردف فياض، “نعم إنها كلها حق للمواطن وواجب علينا، لذلك، ومنذ تولينا للمسؤولية عملنا على إنجاز مشروع تحديث الإستراتيجية الوطنية والأهم من ذلك أطلقنا ورشة عمل كبرى لإصدار كافة المراسيم التطبيقية والقرارات الوزارية المتعلقة بقانون المياه الجديد كخطوة إصلاحية ضرورية لقطاع المياه والصرف الصحي في لبنان”.
وتابع،”لقد أكدت الإستراتيجية الوطنية الميوّمة على صوابية الخيارات الأساسية الكبرى التي بنيت عليها إستراتيجية العام 2012 ومن أبرزها إعتماد التخزين السطحي عبر إنشاء السدود كسبيل وحيد للحفاظ على ثروتنا المائية من الضياع في البحر وكوسيلة متدنية الكلفة لتوفير مياه الشفة والري، مقارنة مع المياه الجوفية والبدائل الأخرى”.
ولفت إلى أنّه، “يكفي أن نرجع بالذاكرة إلى الوراء ونرى قصف العدو الإسرائيلي في حرب تموز لسد العاصي الذي كان قيد الإنشاء لنتأكد من صوابية الخيار. يكفي أن نسترجع الحرب الشعواء التي شنت، وما زالت على مشاريع السدود وأدت إلى تأخيرها وإلغاء أهمها أي سد بسري الإستراتيجي، رافد بيروت الكبرى والساحل الشوفي وجزين وشرق صيدا حتى نؤكد المؤكد”.
ورأى أنّ “تدمير قطاع المياه في لبنان، إذ يصب في مصلحة العدو إستراتيجياً، فهو على المستوى المحلي الصغير المافيوي يصب في مصلحة تجار المياه الجشعين الذين يستفيدون من غياب مياه الدولة، من أجل بيع مياههم بأغلى الأثمان للناس. لقد حمت معادلة الردع ثروة لبنان المائية من أطماع الخارج منذ العام 2006، وعلينا الآن أن نحميها من جشع وفساد الداخل”.
وأعلن فياض، “نحن لن نستسلم، ولن ندع الظروف القاسية والأزمات غير المسبوقة تثنينا عن النهوض بهذا القطاع وبباقي القطاعات، لا النزوح السوري الذي لا يمكن لأي بلد في العالم إرتقاب مفاعيله في أي استراتيجية يعدها، ولا يمكن لأي وطن تحمل تداعياته، ولا إنهيار العملة الوطنية الغير مسبوق في التاريخ سوف يدخل اليأس إلى نفوسنا من إمكانية النهوض مجدداً، ومن هنا نطالب الجهات الدولية بلعب دورها الضروري لتأمين العودة الآمنة للنازحين السوريين”.
وتابع: “لقد عملنا مع المنظمات الدولية والجهات المانحة مشكورة على إعداد مخطط وطني للنهوض المستدام في قطاع المياه، يهدف إلى وضع مؤسسات المياه على سكة التعافي المالي والإداري،وتأمين الدعم التقني والمادي لها، ومؤسسة مياه البقاع جزء لا يتجزأ من هذه الخطة”.
واستكمل، “الحقيقة تقال اليوم أنها المؤسسة الأكثر تعثراً بين زميلاتها، لذلك أغتنم فرصة وجودي بينكم يا أهالي البقاع لأضع هذه المؤسسة أمانة في أعناقكم. إذا عضدتموها خدمتكم، وإذا خذلتموها غابت عنكم وتلاشت. إحفظوها برموش اعينكم وقوموا بواجباتكم تجاهها كما هي تفعل أو تسعى ان تفعل. وهذا المشروع الذي ندشنه اليوم دليل على ذلك، وآمل أن يكون منطلقاً لمرحلة جديدة نموذجية من العلاقة البناءة بين المؤسسة والمواطن”.
واعتبر فياض أنّ “مبادرة اليونيسف والحكومة الإلمانية من خلال بنك التنمية الالماني KfW، جاءت لتساهم في إرجاع القطاع الى الطريق الصحيح عبر تنفيذ مشاريع البنى التحتية وإنشاء أنظمة الطاقة المتجددة التابعة لها”.
ولفت إلى أنّ “هذه المشاريع، التي صنفتها الإستراتيجية الوطنية لقطاع المياه كأولوية قصوى، تشمل أعمال وتأهيل وتجهيز ستة ينابيع سطحية، وتأهيل منظومات مائية عبر إنشاء وتجهيز 18 خزاناً بسعات مختلفة تتراوح سعتها بين 300 متر مكعب إلى 1500 متر مكعب اجمال سعتها 15000م3 وتخدم 200 الف شخص في 18 بلدة ومدينة ضمن نطاق استثمار مؤسسة مياه البقاع، وسوف تسهم بإيجاد الحل النهائي والمستدام لمشكلة المياه في عدة مناطق من محافظتي البقاع وبعلبك الهرمل. فلكل من عمل على هذا المشروع الشكر الجزيل”.