رائجة هي ظاهرة الإنتحار في المجتمع اللبناني..
شائعة متغطرِسة بقوّة نتيجة إنهيار الوضع الإقتصادي،فأخبار الحوادث تأتي بأرقام مخيفة مرعِبة،كما أنَّ الإنتحار البطيء الذي يعيشه اللبناني لا يحتاج إلى استخدام آلية السلاح والرصاص،إذ أنّ الضغوط النفسية التي يعيشها هذا الأخير من شأنها أن تعزّز وجود الأمراض المزمنة،وتبلور مفهوم الكبت لكثير من الغصات التي نتجت عن ثقافة الحرمان.
إبّان دخول كورونا البلاد،عاش اللبنانيون ثقافة الموت والفقدان بِنسب مرتفعة جداً،وقد أُرفِقَت هذه الثقافة بإنهيار رهيب لقيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار،فقرّر البعض منهم ممّن شاء لهم القدر أن ينجوا من خطر كورونا إلى إنهاء حياتهم بأنفسهم..
فهل تُعتبر هذه الحالة مجسِّدة للوهن والضعف والجُبن؟!!
إنّ الإنتحار اللبناني يحمل ثقافة الكوميديا السوداء،حيث أنّ الحياة مهزلة بفقدانها لكافة المقومات،فالمأساة التي تستوجب السخرية دفعت حالات الإنتحار للتجسد على هيئة أرقام فقط..
لا رهبة للموت في وطننا…!!
بل إنّ ثقافة الموت باتت مريحة جداً للشباب اللبناني الذي كان موصوفا بحبه للعيش والحياة..
إنّه مقال كوميدي مصاغ بريشة سوداء كئيبة،إنّه نص تراجيدي مُقدَّم بألوان بلا ظل…
أي لا إنعكاس لطعم اللون والفرح والربيع…الخريف يبسط كفّيه في كافة الأرجاء والحنايا…
هي الكلمات نفسها تُقدَّم منذ بداية الأزمة،لكن المتغيِّر والمخيف حقّاً هو تصاعد حالات الإنتحار والتي لا أُحبّذ توثيقها بأرقام،إنّما بتاريخ مليء بالتفاصيل الموجعة التي أوصلت كائناً أهداه الله نعمة الحياة إلى وضع حد لهذا المصير..
على أمل أن يتغير الواقع،على أمل أن يستفيق الصدى ليعطى للصوت أبعاداً وأبعاد….
رشا حسين ميدان برس