إملاقٌ…بلا خَشية!!

ثمّة مواضيع لا تحتمل نسج مقدّمات ،وذلك لغايتها في الخطورة.
فلبنان اليوم يقفُ إزاءَ كارثةٍ إجتماعية كبيرة المدى،وواسعة الأبعاد..
ما نشهده يوميّاً على كافّة المواقع الإخبارية من رصد لجرائم السرقة ،الخطف،القتل،والتحرش من شأنه أن يدفعَ المجتمع اللّبناني إلى دقِّ ناقوس الخطر.
إنَّ نسبة الحوادث والجرائم قد استفحلت بشكل كبير،كما أنّ “التفنن” في الجريمة باتَ رائجاً كفيلم سينمائي مُصاغ بحبكة إجرامية لا يستوعبها عقل آدمي..
إشكالات فردية تقع بين أبناء العائلة الواحدة تدفع أحد منهم إلى قتل آخر دون أن يرفَّ له جفن،إبتزاز مالي بهدف سفر أو تهديد ،تحرّش علني دون حسيب أو رقيب..سرقات في وضح النهار وعمليات نشل من الطرقات..ناهيك عن السرقات اللّيلية الّتي تطال ما لا يخطر على البال ..
بيان تلوَ البيان يصدر يومياً عن المديرية العامة للأمن الداخلي ،تنشر من خلاله صور أشخاص عبثوا،سرقوا،نهبوا ،اغتصبوا وقتلوا…
أمّا القاتل الصامت..فحكاية أخرى تنسج خيوطها على كافة الأراضي اللبنانية..
فما هو بمرض مزمن كما اعتاد البعض إطلاق اللّقب عليه،إنّما هو التوسّع الهائل لتعاطي المخدرات،بالإضافة إلى أبطال ترويجه الّذين لم تعد ضمائرهم تأبه لا لطلاب ولا لأطفال ومراهقين..
ممّا لا شكَّ فيه أنَّ الأمن اللبناني لا يتوانى عن السعي لبسط سيطرة الأمن والأمان على كافة المناطق اللبنانية،فما يحصل من إرتفاع نسبة الجرائم على مُختلف مسمياتها لا يعني تقصير أي جهاز من أجهزة الأمن ،إنّما هو تزايد وتفاقم أزمة الدولار،وغلاء المعيشة ،وفقدان أبسط مقومات العيش والتي باتَ اقتناء بعضها بمثابة الحلم المستحيل.كل هذه الأمور قد أثّرت سلباً على نفسية الأفراد،فلم تعد الجريمة صورة مُروِّعة هائلة بل باتت سهلة الحصول والخيار الأول لأي شائكة..
لم تعُد لأبناء الأزمة قدرة احتمال فما من أحد منهم يستطيع أن “يعد للعشرة” قبل إقدامه على أيّ خطوة،والرّادع الأخلاقي والدّيني والإنساني قد خفَّت وطأته في النفوس..
الحلّ للعودة إلى الأبواب المفتوحة ليلاً،وإلى السير دون التلفّت يمنةً ويسرة،هو أن يعود الإكتفاء الذاتي المادي بالدرجة الأولى، وتأمين أبسط حاجات الإنسان،فالفراغ النفسي والخواء الجسماني من أولويات الإنهيار لأي مُجَسّم وطني،بالإضافة إلى أنَ الجريمة لم تعد بسبب الفقر المادي فقط بقدر ما انحدرت باتجاه الإنهيار الأخلاقي والتعامل الإنساني ..
فسيطر على النفوس مفهوم الإملاق على كافة الأصعدة…وبلا خشية!!
رشا حسين ميدان برس