إذا كانت العودة السورية والإطلالة الأوكرانية، أبرز ملامح اللوحة التي رسمتها القمة العربية في جدة، فإن أبرز ما ورد في بيان هذه القمة، أتى في الدعوة إلى اللبنانيين لانتخاب رئيس للجمهورية وتسوية الأزمة الداخلية، وهي دعوة وصفتها أوساط مسؤولة في “حزب الله” ب”الممتازة”، كما وجدت أن مضمون البيان الختامي، قد تضمّن عملية قراءة شاملة للمشهد السياسي والتطورات على مستوى المنطقة العربية برمتها.
وكشفت الأوساط المسؤولة في الحزب ل”ليبانون ديبايت”، أن ما سُجّل في القمة العربية في جدة لجهة الكلمات والمواقف، وبشكلٍ خاص البيان الختامي، شكّل ترجمةً لواقع المنطقة، والذي اختلف بعد مرحلة ما كان يسمّى بالربيع العربي في المنطقة، والتغيير الذي حصل في موازين القوى.
كذلك اعتبرت هذه الأوساط، أن مشهد القمة، هو انعكاس للتفاهم السعودي الايراني و التفاهم السعودي السوري، والذي أدى إلى الهدوء وإلى خفض مستوى التوتر في المنطقة، حيث أن لغة الخطاب، تعكس الإقتراب من المنطق الذي كنا نطرحه، وهو أن هناك أرضاً محتلة وهناك مقاومة، و”حسناً فعلوا في البيان، أنهم أشاروا إلى حق لبنان بتحرير أرضه بكافة الوسائل، وهذا واضح أنه تأييد صريح للمقاومة”.
وعن انعكاسات هذه الوقائع على مستوى الإستحقاق الرئاسي، توقعت الأوساط المسؤولة في “حزب الله”، أن تكون انعكاسات التقارب السعودي السوري والتفاهمات الإقليمية، إيجابية في لبنان، إلاّ أنها اعتبرت أنها قد تستلزم بعض الوقت لتترجم في لبنان.
وأمّا لجهة الفترة والموعد المرتقب لذلك، أوضحت الأوساط نفسها، أن “ما من مهل محددة لهذه الايجابيات، وطالما أن الرئيس نبيه بري يرفع سقف التوقعات بعقد جلسة انتخاب إلى منتصف حزيران، فإن الأمل الآن في أن ينسحب المزاج الذي عبّر عنه بيان الجامعة العربية، بالنسبة للإسراع في انتخاب رئيس جمهورية في لبنان، خصوصاً وأن هذا الموقف، قد أبلغته المملكة لحلفائها وأصدقائها في لبنان”.
في المقابل، وحول ما إذا كانت الأمور تسير في اتجاه هذه التوقعات، تحدثت الأوساط عن نوع من “القراءة الخاطئة من قبل بعض الأطراف الداخلية لمشهد ومجريات التفاهمات الإقليمية في المنطقة، حيث أن البعض في الداخل يخطئون في موقفهم منها، أو انهم يقومون بحسابات محلية ضيقة او حسابات ثأرية اذا صحّ التعبير بينهم وبين مرشحنا لرئاسة الجمهورية ، وهذه الحسابات الضيقة هي التي تمنع هذا البعض من رؤية المشهد كاملاً، علماً أن المناخ الإقليمي يشدد على انتخاب رئيس للجمهورية وحل المشكلة الداخلية، والإفادة سياسياً واقتصادياً من مناخ التهدئة الحاصل في الإقليم، ولذلك، فإن عدم التجاوب مع هذا المناخ سيكون غلطة”.
وعن وجه الشبه بين اللحظة العربية ومرحلة اتفاق الطائف، تؤكد الأوساط أن مرحلة الطائف أتت بعد حرب أهلية، ولذلك ترفض الحديث عن تشابه، مشيرةً إلى أن “التوترات التي حصلت على مستوى المنطقة، قد كان لها نوع من الإنعكاسات السلبية وأدت إلى الإنقسام الحاد في لبنان، ولكن من الضرورة اليوم أن تنعكس التفاهمات، إستقراراً وهدوءاً على المستوى اللبناني، وبالتالي، لا شك أن هذا المشهد الطاغي من الإستقرار والتهدئة في المنطقة، لا بدّ وأن تقابله قراءة هادئة، لأننا لا نعيش في جزيرة معزولة”.
المصدر:ليبانون ديبايت