يتوالى مسار الاحداث السياسية التي تجري في الداخل اللبناني وفي عموم انحاء المنطقة حيث لا يزال حتى الآن الشغور الرئاسي في واجهة الاهتمام المحلي والدولي فهل سيخرج الحل في لبنان من عنق الزجاجة وتبدأ مرحلة تغييرية تنقل البلاد من ضفة الى ضفة أخرى وهل ما يجري في المنطقة من تقارب واتفاقات سيعيد رسم الخارطة السياسية في لبنان وسائر الدول المجاورة.
لقد بدأت مفاعيل الاتفاق السعودي الايراني و ما يستتبعه من انفتاح عربي على سوريا باعادة خلط أوراق المرشحين لرئاسة الجمهورية وفي هذا الصدد وعلى الصعيد الداخلي، بدأت القوى المسيحية بتوحيد موقفها تجاه الأسماء التي لا تتوافق مع التوازنات الطائفية والحزبية التي أفرزتها نتائج انتخابات 2022 وبما في ذللك رفض لكل اسم مرشح لا يتمتع بمواصفات لا تؤهله للوصول الى الكرسي الأول.
لذلك فان أسماء المرشحين الحاليين لا تتطابق مع الجو العام وبالأخص البيئة المسيحية التي لم تتفق على أي اسم حتى الساعة.
أما على الصعيد الدولي و الاقليمي فلا قرار حاسم حتى الآن رغم وجود مرشحين قد لاقوا بعض الاستحسان الدولي وما يجري الآن في المنطقة من تطورات أولها الاتفاق السعودي الايراني و ليس آخرها الانفتاح العربي على سوريا يضع مصير لبنان و المنطقة في أفق مجهول و لكن ما هو متفق عليه حتى الآن هو نية الدول الاقليمية التوصل الى حل سياسي في لبنان وبالتالي انضاج تسوية اقليمية يرشح عنها انتخاب رئيس جمهورية في أسرع وقت.
هناك أوساط دبلوماسية عربية تؤكد أن الاتفاق السعودي الايراني سوف يفتح أفقا جديدا لارساء الهدوء في المنطقة عبر انهاء الصراع الاقليمي في اليمن واعادة اعمار سوريا ووضع لبنان على خطة التعافي الاقتصادية بعد حل الخلافات السياسية وما نتج عنها من تدمير للبلد وانهيار اقتصادي تام.
ان الوضع في لبنان غير ثابت وغير مستقر ويتأرجح على علو مرتفع من المناكفات السياسية واذا لم يتم خفض سقف مستوى التصريحات السياسية التي تفتت وتقسم لبنان الى محاور اقليمية ودولية تتحكم بها التجاذبات السياسية من أحداث وتطورات متلاحقة فان ذلك سيجعل مصير لبنان معلقا بمصالح سياسية خارجية وأولويات غير وطنية.
وفي السياق نفسه فان هناك مصادر سياسية مطلعة ترى أن وصول قامات سياسية وطنية وعسكرية الى سدة الرئاسة تشكل مفتاح الحل للأزمة اللبنانية الراهنة فلبنان في هذه المرحلة أحوج ما يكون الى انهاء المهاترات السياسية التي تجعل كل فريق يقوم بتحميل الفريق الآخر مسؤولية تدمير البلد.
ان الكارثة الاقتصادية التي حلت بلبنان منذ حوالي أربع سنوات لا يمكن انهاؤها وانقاذ البلد الا عبر اتباع خطة شاملة اقتصادية انقاذية وهذه الخطة لا يمكن أن تنجح الا في حال من الاستقرار السياسي لذا فان مستقبل آلاف اللبنانيين متعلق بمقدار الحكمة في اتخاذ القرارات التي ستصدر عن رؤساء أحزاب وزعماء هذا البلد.
ومهما يكن من تطمينات خارجية فان القرار يرجع بالدرجة الاولى الى الأقطاب السياسية لكن هذه المرة ستكون مختلفة عن المراحل السابقة لأن هذه الانتخابات الرئاسية ستحدد مصير لبنان وتحدد تموضعه الاقليمي والدولي ولذلك فانه ليس من الحكمة الاحتكام دائما الى التسوية السياسية على حساب مستقبل ومصلحة الوطن وأبنائه.
ان انتخاب الرئيس يجب أن يكون نابعا من ارادة وطنية جامعة تعمل عتى تغليب مصلحة الوطن العليا على المصالح الخارجية وهذا يتطلب وعيا وطنيا وجماعيا لأهمية انجاز هذا الاستحقاق الرئاسي المهم الذي سيكون عنوان المرحلة المقبلة.
نسرين اسعد شعيب ميدان برس